للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خشي أن تفوته ركعة يعني من صلاة الفجر لاشتغاله بالسنة ويدرك الركعة الأخرى وهي الثانية يصلي ركعتي الفجر عند باب المسجد، ثم يدخل المسجد، لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين، يعني فضيلة السنة وفضيلة الجماعة. وإنما قيد بقوله: عند باب المسجد - لأنه لو صلاهما في المسجد كان متنفلاً فيه مع اشتغال الإمام بالفرض، وإنه مكروه قال الحافظ ابن حجر: وكأن الحنفية لما تعارض عندهم الأمر بتحصيل النافلة والنهي عن إيقاعها في تلك الحالة جمعوا بين الأمرين بذلك.

وقال الأوزاعي بمثل ذلك إلا أنه أجاز أن يركعهما في المسجد.

وقال الثوري: إن خشي فوت ركعة دخل معه ولم يصلهما، وإلا صلاهما في المسجد.

ويمكن دفع هذه الخصوصية بما أخرجه ابن عدي عن عمرو بن دينار في هذا الحديث "قيل: يا رسول اللَّه ولا ركعتي الفجر؟ قال: ولا ركعتي الفجر".

هذا ما يخص افتتاح النافلة بعد الشروع في الإقامة، أما من افتتحها قبل الشروع في الإقامة فأقيمت الصلاة وهو فيها ففيه يقول جمهور الشافعية: يقطع النافلة إذا أقيمت الفريضة عملاً بعموم قوله "فلا صلاة إلا المكتوبة".

وخص الحنفية وغيرهم النهي بمن ينشئ النافلة عملاً بعموم قوله تعالى {ولا تبطلوا أعمالكم} [محمد: ٣٣] وفرق البعض بين من يخشى فوت الفريضة في الجماعة فيقطع وإلا فلا. وإلى هذا الرأي نميل. والله أعلم.

هذا ولا خلاف أن النهي هنا للتنزيه، وفي حكمة هذا الإنكار. قال القاضي عياض وغيره: لئلا يتطاول الزمان فيظن وجوبها، قال الحافظ: ويؤيده رواية "يوشك أحدكم أن يصلي الصبح أربعًا" وعلى هذا إذا حصل الأمن لا يكره. وهذا مردود بعموم الرواية الأولى.

وقال النووي: الحكمة فيه أن يتفرغ للفريضة من أولها فيشرع فيها عقب شروع الإمام، والمحافظة على مكملات الفريضة أولى من التشاغل بالنافلة.

وذهب بعضهم إلى أن سبب الإنكار عدم الفصل بين الفرض والنفل لئلا يلتبسا، وإلى هذا جنح الطحاوي قال الحافظ: ومقتضاه لو كان في زاوية من المسجد لم يكره، وهو متعقب، إذ لو كان المراد مجرد الفصل بين الفرض والنفل لم يحصل إنكار أصلاً، لأن ابن بحينة سلم من صلاته قطعًا ثم دخل في الفرض.

وقال بعضهم: إن سبب الإنكار خوف أن يظن أنه يصلي الفرض منفردًا فيظن أنه مختلف مع الإمام، ومع أن الحكم لا تزاحم في التماسها فإن أوجه ما قيل في ذلك هو قول النووي، يؤيده ابن عبد البر إذ يقول: وترك التنفل عند إقامة الصلاة وتداركه بعد أداء الفرض أقرب إلى اتباع السنة، ويتأيد ذلك من حيث المعنى بأن قوله في الإقامة حي على الصلاة معناه هلموا إلى الصلاة أي التي يقام لها، فأسعد الناس بامتثال هذا الأمر من لم يتشاغل عنه بغيره.

واللَّه أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>