للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبعضها عبر عنه بلفظ من لغة هذيل وهكذا، فألفاظ القرآن تمثل سبع لغات لأهم سبع قبائل عربية وهذا لا يمنع كون القرآن نزل بلغة قريش، إذ أغلبه وأكثره بلغة قريش، وهذه الألفاظ الممثلة للغات أهم القبائل قليلة جداً.

واختار هذا القول الأزهري في التهذيب، واختاره أيضاً ابن عطية وقال: وقد قال تعالى: {إنا جعلناه قرآناً عربياً} [الزخرف: ٣] ولم يقل "قرشياً".

ورد هذا القول بأنه يتنافى مع ما علم من الأحاديث من أن الهدف من الأحرف السبعة التيسير ورفع الحرج، فإنه والحالة هذه لا تخيير في القراءة بل الكلام ملزم بلفظ واحد، ولا يمكن حينئذ تصور اختلاف الصحابة في القراءة وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم كلاً منهم على قراءته.

رابعاً: ذهب بعضهم إلى أن الأحرف لغات عربية في كلمة واحدة، وكان من تيسير الله على الأمة أن يقرأ كل قوم بلغتهم، فالهذلي يقرأ: "عتى حين" يريد "حتى حين" والأسدي يقرأ: "لا تعلمون" بكسر أوله، والتميمي يهمز، والقرشي لا يهمز، ولو أراد كل منهم أن يتحول عن لغته وما جرى عليه لسانه لشق عليه غاية المشقة، فيسر الله عليهم، واستمر هذا التيسير حتى جمع عثمان الناس على قراءة واحدة.

ويرد هذا القول الاختلاف الباقي في القراءات حتى اليوم، ثم هو لا يتحدد بسبع لا في كلمة ولا في الكل.

خامساً: ذهب أهل الفقه والأصول والحديث منهم سفيان وابن وهب وابن جرير الطبري والطحاوي إلى أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات في كل كلمة واحدة ومعنى واحد، مثل: هلم وأقبل وتعال وعجل وأسرع وقصدي ونحوي، فهذه ألفاظ سبعة في معنى طلب الإقبال. ويستدل هذا الرأي بقراءة أبي بن كعب: {كلما أضاء لهم مشوا فيه} [البقرة: ٢٠] "كلما أضاء لهم مروا فيه". "كلما أضاء لهم سعوا فيه". وما جاء في قراءة ابن مسعود: "يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا أمهلونا". "يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا أخرونا نقتبس".

ويلتزم أصحاب هذا الرأي أن يقولوا: إن هذه الأوجه كانت جائزة في أول الأمر، ثم نسخت إلا وجهاً في العرضة الأخيرة، وهي التي نسخ عليها عثمان مصاحفه.

ويرد على هذا الرأي بندرة الكلمات التي يوجد لها سبعة مرادفات فلا يتأتى التيسير، ولا يتأتى رفع الحرج، بل أنكر ابن قتيبة أن يكون في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه، على أنه يؤدي إلى أن الاختلاف في أوجه القراءة قد انتهى، مع أن الأمة أجمعت على صحة القراءات الكثيرة المتواترة.

سادسا: هناك آراء أخرى أضعف من الآراء السابقة منها:

(أ) قول بعضهم: الأحرف السبعة أصناف سبعة: أمر، ونهي، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال.

(ب) وقول بعضهم: وعد، ووعيد، وحلال، وحرام، ومواعظ، وأمثال، واحتجاج.

<<  <  ج: ص:  >  >>