للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البغدادي في المقالات: عدة فرق الخوارج عشرون فرقة. وقال ابن حزم: أسوؤهم حالاً الغلاة المذكورون، وأقربهم إلى أهل الحق الأباضية.

أما عن حكم العلماء على الخوارج فقد قال الغزالي في "الوسيط" تبعاً لغيره في حكم الخوارج وجهان:

أحدهما: أنه كحكم أهل الردة.

الثاني: أنه كحكم أهل البغي. ورجح الرافعي الأول.

قال الحافظ ابن حجر: وليس الذي قاله مطرداً في كل خارجي، فإنهم على قسمين، أحدهما من تقدم ذكره، والثاني من خرج في طلب الملك، لا للدعاء إلى معتقده، وهم على قسمين أيضاً: قسم خرجوا غضباً للدين من أجل جور الولاة، وترك عملهم بالسنة النبوية، فهؤلاء أهل حق، ومنهم الحسن بن علي وأهل المدينة في الحرة، والقراء الذين خرجوا على الحجاج، وقسم خرجوا لطلب الملك فقط، سواء كانت فيهم شبهة أم لا، وهم البغاة. اهـ.

والحق أن لفظ: "طائفة خارجة" و"خوارج" في أصل اللغة يعم من ذكرهم الحافظ ابن حجر وغيرهم، إلى أكثر من عشرين فرقة، فينبغي أن يرتبط الحكم على كل فرقة بما هي عليه، من حيث العقيدة، ومن حيث العمل، فمن أنكر شيئاً علم من الدين بالضرورة، ولو لم يخرج على الحاكم حكم عليه بالردة، ومن خرج على الإمام بشبهة أو بدون شبهة لمنازعة الحكم فهم بغاة، ولو لم ينكروا ما علم من الدين بالضرورة، وقد حفظ القرآن لهم وصف المؤمنين حين قال: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} [الحجرات: ٩].

والذي أميل إليه أن الخوارج الموصوفين في أحاديث الباب مرتدون، وإن شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وبالغوا في العبادة والزهد وقراءة القرآن، فالرواية السابعة عشر تقول: "قوم يتلون كتاب الله رطباً، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود".

وفي الرواية الثامنة والتاسعة عشرة: "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم -أو حلوقهم- أو تراقيهم، يمرقون من الدين -أو من الإسلام- كما يمرق السهم من الرمية". وفي الرواية السابعة والعشرين: "يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم، وهو عليهم". وفي الرواية الخامسة والعشرين: "فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة. وفي الرواية التاسعة والعشرين: "يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة".

فهذه الأحاديث تصرح بكفرهم وارتدادهم، وتحث على قتالهم وقتلهم، أما كون الذين قاتلهم

<<  <  ج: ص:  >  >>