للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القعدة" قال النووي "موافين لهلال ذي الحجة" أي مقارنين لاستهلاله وكان خروجهم قبله، لخمس في ذي القعدة، كما صرحت به رواية عمرة. اهـ

والأولى تفسير "موافين لهلال ذي الحجة" على معنى مشرفين عليه، آتين نحوه.

(فأهللنا بعمرة) هذا إخبار عن الحالة الثانية التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، أما إحرامهم الأول فقد عبرت عنه الرواية السادسة بقولها "لا نرى إلا الحج" أي لا نعتقد أنا نحرم إلا بالحج، أي نظن أنه لا يصح منا في هذا الوقت إلا الحج، لأنا كنا نظن امتناع العمرة في أشهر الحج، قال ابن التين: "لا نرى" ضبطه بعضهم بفتح النون، وبعضهم بضمها.

وعبرت عنه الرواية التاسعة بلفظ "ولا نرى إلا الحج" والرواية العاشرة بلفظ "لا نذكر إلا الحج" والحادية عشرة بلفظ "لبينا بالحج" والثالثة عشرة بلفظ "مهلين بالحج في أشهر الحج، وفي حرم الحج وليالي الحج" وحرم الحج بضم الحاء والراء. قال النووي: كذا ضبطناه، وكذا نقله القاضي عياض في المشارق عن جمهور الرواة، قال: وضبطه الأصيلي بفتح الراء، قال: فعلى الضم كأنها تريد الأوقات والمواضع والأشياء والحالات، أما بالفتح فجمع حرمة، أي ممنوعات الشرع ومحرماته، وكذلك قيل للمرأة المحرمة حرمة، وجمعها حرم. اهـ فالمعنى على الضم في أزمنة الحج وأمكنته وحالاته، أما أشهر الحج ولياليه فالجمهور على أنها شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة، وقد سبق الخلاف في دخول بقية ذي الحجة في أشهر الحج.

وعبرت عنه الرواية الخامسة عشرة والسابعة عشرة بلفظ "ولا نرى إلا الحج" وعبرت عنه الرواية الثالثة والعشرون بلفظ قال جابر: أقبلنا مهلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج مفرد" ولفظ السادسة والعشرين "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج" ولفظ التاسعة والعشرين "أهللنا -أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم- بالحج خالصاً وحده" ولفظ الثانية والثلاثين "قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج" ولفظ الرابعة والثلاثين "ونحن نقول: لبيك بالحج" ولفظ الخامسة والثلاثين "لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة" أي لسنا نعرف جوازها في أشهر الحج، ولفظ السادسة والستين عن ابن عمر "أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفرداً" ولفظ الرابعة والسبعين عن أسماء بنت أبي بكر "قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفرداً" ولفظ الرابعة والسبعين عن أسماء بنت أبي بكر "قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج" ولفظ الثامنة والسبعين "كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور" ولفظ المتممة للثمانين عن ابن عباس "قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم يلبون بالحج "ولفظ المتممة للتسعين عن أبي سعيد "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرخ بالحج صراخاً" ولفظ الواحدة والتسعين عن جابر وأبي سعيد "قدمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نصرخ بالحج صراخاً".

وهكذا تواردت الروايات على أن الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- في حجة الوداع أحرموا بالحج مفرداً أول الأمر، لأن الحكم بجواز العمرة في أشهر الحج لم يكونوا قد علموا به، ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلمهم به أثناء إحرامهم الأول ليجمع إلى هذا الحكم حكم نسخ الحج، وحكم من ساق الهدي، وحكم التمتع، والأحكام الأخرى، وربما كان في انتظار الوحي بحكم الله. أما ما أحرم به رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه فسنعرض الآراء والروايات الخاصة به في فقه الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>