للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: قد يستدل بالإهلال من الأبطح من يجوز للمكي والمقيم بها الإحرام بالحج من الحرم، وفي المسألة وجهان لأصحابنا، أصحهما: لا يجوز أن يحرم بالحج إلا من داخل مكة، وأفضله من باب داره، وقيل: من المسجد الحرام، والثاني يجوز من مكة ومن سائر الحرم، وقد سبقت المسألة في باب المواقيت، فمن قال بالثاني احتج بحديث جابر هذا لأنهم أحرموا من الأبطح، وحين جعلوا مكة بظهرهم، أي لم يحرموا من داخل مكة، لكنه من الحرم، ومن قال بالأول -وهو الأصح قال: إنما أحرموا من الأبطح لأنهم كانوا نازلين به وكل من كان دون الميقات المحدد له فميقاته منزله، كما سبق في باب المواقيت. والله أعلم.

الرواية الواحدة والثلاثون

(تصير حجتك الآن مكية) قيل معناه: قليلة الثواب، لقلة مشقتها، وقال ابن بطال: معناه أنك تنشئ حجك من مكة، كما ينشئ أهل مكة منها، فيفوتك فضل الإحرام من الميقات.

(عام ساق الهدي معه) في رواية البخاري "يوم ساق البدن معه" وذلك في حجة الوداع.

(أحلوا من إحرامكم) أي اجعلوا حجتكم عمرة، وتحللوا منها بالطواف والسعي.

(وقصروا) إنما أمرهم بالتقصير ليتوفر الشعر للحلق أو التقصير للحج، لأنهم سيهلون به بعد زمن قصير.

(واجعلوا التي قدمتم بها متعة) أي اجعلوا الحجة المفردة التي أهللتم بها عمرة، تتحللوا منها، فتصيروا متمتعين، فأطلق على العمرة متعة مجازاً، والعلاقة بينهما السببية والمسببية.

(لا يحل مني حرام) أي لا يحل مني ما حرم علي، ووقع في بعض روايات مسلم "لا يحل مني حراماً" بالنصب على المفعولية، وعلى هذا فيقرأ "يحل" بضم الياء وكسر الحاء والفاعل محذوف، تقديره: لا يحل طول المكث مني شيئاً حراماً حتى يبلغ الهدي محله، أي إذا نحر يوم منى.

الرواية الثالثة والثلاثون

(على يدي دار الحديث) أي بين يدي، أي أمامي، وعلى مسامعي.

(تمتعنا) من التمتع بالعمرة إلى الحج، أو من متعة النساء، أي الزواج لأجل.

(إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء) أي بسبب يشاؤه جل شأنه، يشير بذلك إلى الخصوصية له صلى الله عليه وسلم، أو الخصوصية لعام المناسبات خاصة، فالتمتع بالعمرة إلى الحج رخص به لإبطال عقيدة أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور وثبتت العقيدة الصحيحة، ومتعة النساء كانت للحاجة وانتهت، وسيأتي الكلام عن فتوى عمر بهذا الخصوص في فقه الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>