للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ولكن جهاد ونية) "جهاد" مبتدأ، خبره محذوف، أي لكم جهاد ونية، والمعنى ولكن لكم طريق إلى تحصيل الفضائل التي في معنى الهجرة، وذلك بالجهاد، ونية الخير في كل شيء، وقال الطيبي الهجرة إما فراراً من الكفار، وإما إلى الجهاد، وإما إلى نحو طلب العلم وقد انقطعت الأولى، فاغتنموا الأخيرتين.

(وإذا استنفرتم فانفروا) "استنفرتم" بضم التاء وسكون النون وكسر الفاء، أي إذا دعاكم الإمام إلى الغزو فاخرجوا إليه. فالجملة تفسير لبقاء الجهاد.

(وقال يوم الفتح إن هذا البلد) أي مكة، وقد فصل مسلم الكلام الأول عن الثاني بهذا، فجعله حديثاً آخر مستقلاً وهو مقتضى صنيع من اقتصر على الكلام الأول كرواية البخاري في الجهاد.

(حرمه الله يوم خلق السموات والأرض) في الرواية الثانية "إن مكة حرمها الله" وسيأتي قريباً في مسلم "إن إبراهيم حرم مكة، إذ قال {رب اجعل هذا بلداً آمناً} قال النووي فظاهر هذا الاختلاف، وفي المسألة خلاف مشهور في وقت تحريم مكة، فقيل إنها مازالت محرمة من يوم خلق السموات والأرض، وقيل مازالت حلالاً كغيرها إلى زمن إبراهيم عليه السلام، ثم ثبت لها التحريم من زمن إبراهيم. وهذا القول يوافق ملحق الرواية الأولى وليس فيه "يوم خلق السموات والأرض" والقول الأول يوافق الرواية الأولى، وبه قال الأكثرون، وأجابوا عن الحديث الثاني بأن تحريمها كان ثابتاً من يوم خلق الله السموات والأرض، ثم خفي تحريمها، واستمر خفاؤه إلى زمن إبراهيم، فأظهره وأشاعه، لا أنه ابتدأه ومن قال بالقول الثاني أجاب عن الحديث الأول بأن معناه أن الله كتب في اللوح المحفوظ أو في غيره يوم خلق السموات والأرض أن إبراهيم عليه السلام سيحرم مكة بأمر الله تعالى.

(وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي) الهاء في "إنه" ضمير الشأن ولفظ "لم" أشبه بالمراد من حرف "لا" الوارد عند البخاري، ومن حرف "لن" الوارد في روايتنا الثالثة، ولعل الأخيرة خطأ من النساخ. وفي ملحق الرواية الأولى "القتل" بدل "القتال" والفرق بينهما ظاهر والمحرم فعلاً القتال، وسيأتي في فقه الحديث، أما القتل فنقل بعضهم الاتفاق على جواز إقامة حد القتل فيها على من أوقعه فيها، والخلاف فيمن قتل في الحل ثم لجأ إلى الحرم والقتال هو المراد من قوله في الرواية الثانية "أن يسفك بها دماً".

(ولم يحل لي إلا ساعة من نهار) في الرواية الثانية "وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار" وفي الرواية الثالثة، "وإنها أحلت لي ساعة من نهار" وفي الرواية الرابعة "ألا وإنها أحلت لي ساعة من النهار" قال الحافظ ابن حجر مقدار هذه الساعة ما بين طلوع الشمس وصلاة العصر [فالساعة بمعناها اللغوي القطعة من الزمان كبرت أو صغرت] قال: ويستفاد من ذلك أن قتل من أذن النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم كابن خطل وقع في الوقت الذي أبيح للنبي صلى الله عليه وسلم فيه القتال، خلافاً لمن حمل الساعة على ظاهرها [العرفي] فاحتاج إلى الجواب عن قصة ابن خطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>