للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صيدها .. " في الرواية التاسعة عشرة "أن لا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف" قال النووي: "العضا" بالقصر وكسر العين وتخفيف الضاد كل شجر فيه شوك، واحدتها عضاهة، وعضيهة.

(وقال: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) أي لو كانوا يعلمون أن المدينة خير لهم ما تركوها، قال صلى الله عليه وسلم هذا عن قوم سيتركون المدينة إلى غيرها، رغبة في الرخاء، ففي الرواية الواحدة والثلاثين "يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه -أي من يهمه أمره- هلم إلى الرخاء. هلم إلى الرخاء. والمدينة خير لهم لو كانوا يعملون" وفي الرواية التاسعة والثلاثين "يفتح الشام، فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون". بفتح الياء، وضم الباء، وكسرها، أي يسوقون دوابهم، والبس سوق الإبل. قال الداودي: معناه يزجرون دوابهم، فيبسون ما يطؤونه من الأرض من شدة السير، فيصير غباراً، قال تعالى {وبست الجبال بساً} [الواقعة: ٥]. أي سالت سيلاً، وقيل: سارت سيراً، وقال ابن عبد البر: وروي "يبسون" بضم أوله وكسر ثانيه، من الرباعي، من أبس إبساساً، ومعناه يزينون لأهليهم البلد التي يقصدونها، وإلى هذا ذهب ابن وهب، وكذا رواه ابن حبيب، وفسره بنحوه، وأنكر الأول غاية الإنكار.

قال النووي: والصواب أن معناه الإخبار عمن خرج من المدينة متحملاً بأهله، باساً في سيره، مسرعاً إلى الرخاء والأمصار المفتتحة "والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" وفي الرواية المتممة للأربعين "يفتح اليمن، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم" قال الحافظ ابن حجر: وعلى هذا فالذين يتحملون غير الذين يبسون، كأن الذي حضر الفتح أعجبه حسن البلد المفتوحة ورخاؤها، فدعا قريبه إلى المجيء إليها، فيتحمل المدعو بأهله وأتباعه، أي يحملهم "والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" أي لو كانوا يعلمون فضل الصلاة والعبادة فيها، وثواب الإقامة بها، أو المعنى لو كانوا من أهل العلم، ففيه تجهيل لمن يفارقها، ويؤثر غيرها عليها، والمراد بهم الخارجون من المدينة رغبة عنها، كارهين لها، أما من خرج لحاجة أو تجارة أو جهاد أو نحو ذلك فليس بداخل في معنى الحديث، يؤكد هذا المعنى ما جاء في الرواية الواحدة والثلاثين بلفظ "لا يخرج أحد منها رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه".

(لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه) هذه بشرى للمدينة، ومن فيها، وليس في هذه العبارة ذم الخارجين منها رغبة عنها، إنما الذم ما جاء في الرواية الواحدة والثلاثين، بقوله "ألا إن المدينة كالكير، تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها، كما ينفي الكير خبث الحديد" وفي الرواية الثانية والثلاثين "تنفي الناس، [أي شرارهم] كما ينفي الكير خبث الحديد" وفي ملحقها "كما ينفي الكير الخبث" وفي الرواية الثالثة والثلاثين "إنما المدينة كالكير، تنفي خبثها، وينصع طيبها" وفي الرواية الرابعة والثلاثين "وإنما تنفي الخبث، كما تنفي النار خبث الفضة" فهذه الروايات تدمغ الخارجين منها رغبة عنها بأنهم خبث، وفي ذلك من التنفير ما فيه.

(ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها) اللأواء بالمد الشدة والجوع، والجهد بفتح الجيم هو

<<  <  ج: ص:  >  >>