للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاستمرار فلن يؤثر فيها سؤال السائلة، وفي الرواية السابعة "فإن الله رازقها" والضمير هنا أيضاً على الاحتمالين، والفاء للتعليل، وفي رواية للبخاري "فإنما لها ما قدر لها".

-[فقه الحديث]-

قال النووي: هذا الحديث دليل لمذاهب العلماء كافة أنه يحرم الجمع بين المرأة وعمتها، وبينها وبين خالتها، سواء كانت عمة وخالة حقيقية، وهي أخت الأب وأخت الأم، أو مجازية، وهي أخت أبي الأب وأبي الجد وإن علا، أو أخت أم الأم وأم الجد من جهتي الأم والأب، وإن علت، فكلهن بإجماع العلماء يحرم الجمع بينهن. قال: وقالت طائفة من الخوارج والشيعة: يجوز، واحتجوا بقوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} [النساء: ٢٤]. واحتج الجمهور بهذه الأحاديث، خصوا بها الآية، والصحيح الذي عليه جمهور الأصوليين جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد، لأنه صلى الله عليه وسلم مبين للناس ما أنزل إليهم من كتاب الله، ثم قال: وأما الجمع بينهما في الوطء، بملك اليمين كالنكاح، فهو حرام عند العلماء كافة، وعند الشيعة مباح، قالوا: ويباح أيضاً الجمع بين الأختين بملك اليمين. قالوا: وقوله تعالى: {وأن تجمعوا بين الأختين} [النساء: ٢٣]. إنما هو في النكاح، وقال العلماء كافة: هو حرام كالنكاح، لعموم قوله تعالى {وأن تجمعوا بين الأختين} وقولهم: إنه مختص بالنكاح لا يقبل، بل جميع المذكورات في الآية محرمات بالنكاح وبملك اليمين جميعاً، ومما يدل عليه قوله تعالى: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم} [النساء: ٢٤]. فإن معناه أن ملك اليمين يحل وطؤها بملك اليمين، لا نكاحها، فإن عقد النكاح عليها لا يجوز لسيدها.

قال: وأما باقي الأقارب -كالجمع بين بنتي العم أو بنتي الخالة أو نحوهما فجائز عندنا وعند العلماء كافة، إلا ما حكاه القاضي عياض عن بعض السلف أنه حرمه. دليل الجمهور قوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم}

قال: وأما الجمع بين زوجة رجل وبنته من غيرها [صورته أن يتزوج امرأة كانت زوجة لرجل ومات عنها أو طلقها وله بنت من غيرها، يريد أن يجمع بين زوجة ذلك الرجل وبنته من غيرها التي كانت كربيبة لها] فجائز عندنا وعند مالك وأبي حنيفة والجمهور، وقال الحسن وعكرمة وابن أبي ليلى: لا يجوز.

ثم قال: ولا فرق بين أن ينكح المرأتين معاً في صيغة واحدة، أو تقدم هذه أو هذه، فالجمع بينهما حرام كيف كان، وقد جاء في رواية أبي داود وغيره "لا تنكح الصغرى على الكبرى، ولا الكبرى على الصغرى" لكن إن عقد عليهما معاً بعقد واحد فنكاحهما باطل، وإن عقد على إحداهما ثم الأخرى فنكاح الأولى صحيح، ونكاح الثانية باطل.

أما حكم سؤال الزوج طلاق زوجته فهو حرام، ففي رواية البخاري "لا يحل" قال الحافظ ابن حجر: هذا اللفظ ظاهر في تحريم ذلك، وهو محمول على ما إذا لم يكن هناك سبب يجوز ذلك، كريبة

<<  <  ج: ص:  >  >>