للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أو يبيع على بيع أخيه) صورته أن يقول لمن اشترى سلعة في زمن خيار المجلس أو الشرط: افسخ لأبيعك خيراً منها بمثل ثمنها، أو مثلها بأنقص، ومثل ذلك الشراء على الشراء، كأن يقول للبائع: افسخ لأشتري منك بأكثر، وفي الرواية السادسة: "فلا يحل لمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه"، وسيأتي في كتاب البيوع.

(ولا تسأل المرأة طلاق أختها) سبق الكلام عنه في الباب قبل السابق.

(ولا يسم الرجل على سوم أخيه) سبق في الباب قبل السابق.

-[فقه الحديث]-

قال النووي: هذه الأحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على الخطبة، وأجمعوا على تحريمها، إذا كان قد صرح للخاطب بالإجابة، ولم يأذن ولم يترك، فلو خطب على خطبته وتزوج والحالة هذه عصى، وصح النكاح، ولم يفسخ هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال داود: يفسخ النكاح، وعن مالك روايتان، وقال جماعة من أصحاب مالك: يفسخ قبل الدخول، لا بعده، وحجة الجمهور أن المنهي عنه الخطبة، والخطبة ليست شرطاً في صحة النكاح، فلا يفسخ، النكاح بوقوعها غير صحيحة. أما إذا عرض له بالإجابة ولم يصرح -كقولها: لا رغبة عنك. أنت يتمناك الكثيرون-ففي تحريم الخطبة على خطبته قولان للشافعي، أصحهما لا يحرم، وهو قول المالكية والحنفية، وقال بعض المالكية: لا يحرم حتى يرضوا بالزوج، ويسمى المهر.

أما إذا لم ترد ولم تقبل فيجوز أن يخطب الآخر، والحجة في ذلك حديث فاطمة بنت قيس، حديث خطبها معاوية وأبو جهم -فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم خطبة بعضهم على بعض -لأنها لم تكن قبلت أحدهما- وخطبها صلى الله عليه وسلم لأسامة. قال النووي: ولا حجة فيه، لاحتمال أن يكونا خطبا معاً، أو لم يعلم الثاني بخطبة الأول، والنبي صلى الله عليه وسلم أشار بأسامة، ولم يخطب، وعلى تقدير أن يكون خطب فكأنه لما ذكر لها ما في معاوية وأبي جهم ظهر فيها الرغبة عنهما، فخطبها لأسامة.

وحكى الترمذي عن الشافعي أن معنى حديث الباب: إذا خطب الرجل المرأة، فرضيت به، وركنت إليه، فليس لأحد أن يخطب على خطبته، فإذا لم يعلم برضاها، ولا ركونها، فلا بأس أن يخطبها، والحجة في ذلك قصة فاطمة بنت قيس، فإنها لم تخبره برضاها بواحد منهما، ولو أخبرته بذلك لم يشر عليها بغير من اختارت.

قال الحافظ ابن حجر: واستدل بقوله "إلا أن يأذن له" على أن الخاطب الأول إذا أذن للخاطب الثاني في التزويج ارتفع التحريم، ولكن هل يختص ذلك بالمأذون له؟ أو يتعدى لغيره؟ يميل الحافظ ابن حجر إلى الثاني، لأن مجرد الإذن الصادر من الخاطب الأول دال على إعراضه عن تزويج تلك المرأة، وبإعراضه يجوز لغيره أن يخطبها، فيكون الجواز للمأذون له بالتنصيص، ولغير المأذون له بالإلحاق. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>