للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقد قيل: إنه كان يهوديًا، والأول أظهر، فقد روي أنه كان أعرابيًا، وكأنه جرى على عادته من جفاء المخاطبة. قيل: إنه العرباض بن سارية، وقيل: غيره. والقصة وقعت للعرباض ولغيره.

(فهم به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) أي أرادوا أن يؤذوه بالقول أو الفعل، لكن لم يفعلوا أدبًا مع النبي صلى الله عليه وسلم.

(إن لصاحب الحق مقالاً) أي حجة قوية، وجرأة في الطلب، لكن مع مراعاة الأدب المشروع.

(اشتروا له سنًا) أي جملاً له سن معين. قال الحافظ ابن حجر: ويجمع بين رواية "اشتروا له" والرواية الأولى، وأن القضاء من إبل الصدقة بأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالشراء أولاً، ثم قدمت إبل الصدقة، فأعطاه منها، أو أنه أمر بالشراء من إبل الصدقة ممن استحق منها شيئًا، ويؤيده رواية ابن خزيمة "إذا جاءت الصدقة قضيناك".

-[فقه الحديث]-

قال النووي: الحديث في اقتراض الحيوان، وفيه ثلاثة مذاهب:

الشافعي ومالك وجماهير العلماء من السلف والخلف أنه يجوز قرض جميع الحيوان، إلا الجارية لمن يملك وطأها، فإنه لا يجوز، ويجوز إقراضها لمن لا يملك وطأها، كمحارمها، والمرأة والخنثى.

والمذهب الثاني مذهب المزني وابن جرير وداود أنه يجوز قرض الجارية وسائر الحيوان لكل واحد.

والثالث مذهب أبي حنيفة والكوفيين أنه لا يجوز قرض شيء من الحيوان، وهذه الأحاديث ترد عليهم ولا تقبل دعواهم النسخ بغير دليل. اهـ واحتجوا بحديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو حديث قد روي عن ابن عباس مرفوعًا، أخرجه ابن حبان والدارقطني وغيرهما، ورجال إسناده ثقات، إلا أن الحفاظ رجحوا إرساله، وأخرجه الترمذي، وفي سنده مقال، وهو حديث صالح للحجة في الجملة، وادعى الطحاوي أنه ناسخ لحديث الباب، وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، والجمع بين الحديثين ممكن، فقد جمع بينهما الشافعي وجماعة، بحمل النهي على ما إذا كان نسيئة من الجانبين، ويتعين المصير إلى ذلك، لأن الجمع بين الحديثين أولى من إلغاء أحدهما باتفاق، وإذا كان ذلك هو المراد من الحديث بقيت الدلالة على جواز استقراض الحيوان والسلم فيه.

واعتل من منع قرض شيء من الحيوان كذلك بأن الحيوان يختلف اختلافًا كبيرًا يمنع من الوقوف على حقيقة المثلية فيه، وأجيب بأنه لا مانع من الإحاطة به بالوصف، بما يدفع التغاير، وقد جوز الحنفية التزويج والكتابة على الرقيق الموصوف في الذمة، مع احتمال الاختلاف بين الوصف وبين الواقع.

وقد استشكل على حديث الباب، فقيل: كيف قضى من إبل الصدقة أجود من الذي يستحقه

<<  <  ج: ص:  >  >>