للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويحذرنا أن نلبس ثوب الزور، وندعي لأنفسنا ما ليس عندنا من مال أو صحة أو جاه أو علم، أو غير ذلك مما يخدع الآخرين فينا، ويغرر بهم في معاملاتنا، ويخوفنا من الحلف كذبا للحصول على غرض دنيوي رخيص.

ولو أن المسلمين حافظوا على أسس الشريعة السمحة، فعظموا دينهم واعتزوا بإسلامهم ولم يحلفوا بسواه، لو أنهم قويت روحهم، وتشددت عزائمهم، وصمدوا لنوائب الزمان وكافحوا للعيش في عزة وكرامة، ولم يلجأ بعضهم إلى الانتحار، والهروب من المسئولية والحياة، ولو أنهم ترفعوا عن الشتم والسب وطول اللسان، واحتقار بعضهم بعضا وإيذاء بعضهم بعضا، ولو أنهم اعترفوا بالواقع، وأحسوا بأوجه النقص فيهم، ولم يخدعوا أنفسهم وغيرهم بما ليس فيهم من محامد، ولو أنهم صدقوا في معاملاتهم، ولم يكثروا الحلف كذبا للحصول زورا على حقوق غيرهم. لو أنهم حافظوا على هذه الأسس لسعدوا في دنياهم وأخراهم ولكانوا جديرين بما كان عليه آباؤهم وأجدادهم من مكانة وسيادة، وما يتذكر إلا أولوا الألباب.

-[المباحث العربية]-

(أنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة) وهي بيعة الرضوان، التي قال الله فيها: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} [الفتح: ١٨] وفائدة ذكر هذه العبارة التوثيق بالرواية ببيان فضل الراوي.

(من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا) في الرواية الثالثة "من حلف بملة سوى الإسلام كاذبا متعمدا" أي متعمدا الحلف بملة غير الإسلام، فيكون "متعمدا" حالا مترادفة من فاعل "حلف" أو متعمدا الكذب فيكون "متعمدا" حالا متداخلة من الضمير في "كاذبا" وفي رواية البخاري "من حلف على ملة غير الإسلام" فـ"على": بمعنى الباء، والملة: الدين والشريعة حقة أو باطلة، ومن إطلاقها على الباطلة قوله تعالى: {إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله} [يوسف: ٣٧] وهي هنا نكرة في سياق الشرط، فتعم جميع الملل من أهل الكتاب، كاليهودية والنصرانية ومن لحق بهم من المجوسية والصابئة وأهل الأوثان والدهرية والمعطلة وعبدة الشياطين والملائكة وغيرهم.

والملة عرفا: ما شرعه الله لعباده على ألسنة الرسل عليهم السلام.

والحلف بالشيء حقيقة هو: القسم به، وإدخال بعض حروف القسم عليه، كقولهم: والله، والرحمن، وقد يطلق على التعليق بالشيء يمين كقولهم: من حلف بالطلاق، فالمراد تعليق الطلاق، وأطلق الحلف على التعليق لمشابهته باليمين في قصد المنع أو الحث، أو غيرهما.

فالمعنى على الأول: من أقسم بملة غير الإسلام كأن قال: واليهودية مثلا، وعلى الثاني: من علق ملة غير الإسلام على شيء، كأن يقول: إن فعل كذا فهو يهودي أو نصراني.

<<  <  ج: ص:  >  >>