للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢ - ويؤخذ من طلب الرجوع والتوبة والاستغفار أنه يستحب لمن وقع له مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى، ويستر نفسه، ولا يذكر ذلك لأحد.

١٣ - وأنه يستحب لمن اطلع على ذلك أن يستر عليه، ولا يفضحه، ولا يرفعه إلى الإمام، كما قال صلى الله عليه وسلم في هذه القضية "لو سترته بثوبك لكان خيرًا لك" وبهذا جزم الشافعي، فقال: أحب لمن أصاب ذنبًا، فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب، واحتج بقصة ماعز، وقال ابن العربي: هذا كله في غير المجاهر، فأما إذا كان متظاهرًا بالفاحشة، فإني أحب مكاشفته، والتبريح به، لينزجر هو وغيره، وقد استشكل استحباب الستر، مع ما وقع من الثناء على ماعز والغامدية، وأجيب بأن الغامدية كان قد ظهر بها الحمل، مع كونها غير ذات زوج، فتعذر الاستتار، ومن هنا قيد بعضهم ترجيح الاستتار حيث لا يكون هناك ما يشعر بضده، فإن وجد فالرفع إلى الإمام، ليقيم عليه الحد أفضل.

قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن الستر مستحب، والرفع لقصد المبالغة في التطهير أحب.

١٤ - وفيه مشروعية الإقرار بفعل الفاحشة، عند الإمام وفي المسجد، والتصريح فيه بما يستحى من التلفظ به من أنواع الرفث في القول، من أجل الحاجة الملجئة إلى ذلك.

١٥ - ومن قوله "أبك جنون"؟ أن إقرار المجنون لاغ، لا يعمل به، ولا يرجم المجنون، إن زنى في حال الجنون، وهو إجماع.

١٦ - ومن قوله "أشرب خمرًا" أن إقرار السكران لاغ لا يعمل به، والذين اعتبروه قالوا: إن عقله زال بمعصيته، وقد تكون قصة ماعز متقدمة على تحريم الخمر.

١٧ - ومن قوله في الرواية الخامسة "لعلك" أن الإمام يلقن الرجوع عن الإقرار بالزنا، ومحاولة التعلق بشبهة ليدرأ عنه الحد، وأنه يقبل رجوعه، لأن الحدود مبنية على المساهلة والدرء، بخلاف حقوق الآدميين وحقوق الله المالية، كالزكاة والكفارة وغيرهما، فلا يجوز التلقين فيها، ولو رجع لم يقبل رجوعه، وقد جاء التلقين للرجوع عن الإقرار بالحدود عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين، ومن بعدهم، واتفق العلماء عليه.

١٨ - ومن قوله في الرواية الرابعة "فهل أحصنت"؟ أن الإمام يسأل عن شروط الرجم، من الإحصان وغيره، سواء ثبت بالإقرار، أو بالبينة، ومؤاخذة الإنسان بإقراره.

١٩ - وفيه ترك سجن من اعترف بالزنا في مدة الاستثبات، وفي الحامل حتى تضع وقيل: إن المدينة لم يكن بها حينئذ سجن، وإنما كان يسلم كل جان لوليه، وقال ابن العربي: إنما لم يؤمر بسجنه ولا التوكيل به، لأن رجوعه مقبول، فلا فائدة في سجنه مع جواز الإعراض عنه إذا رجع.

٢٠ - وفيه أن الإمام لا يشترط أن يبدأ بالرجم فيمن أقر، وإن كان ذلك مستحبًا، لأن الإمام إذا بدأ مع كونه مأمورًا بالتثبت والاحتياط فيه، كان ذلك أدعى إلى الزجر عن التساهل في الحكم، ولهذا يبدأ إذا ثبت الرجم بالبينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>