للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أن الأمر بالقيام لغير ما وقع فيه النزاع وإنما هو لينزلوه عن دابته لما كان فيه من المرض ولأن عادة العرب أن القبيلة تخدم كبيرها فلذلك خص الأنصار بذلك دون المهاجرين وعلى تقدير تسليم أن القيام المأمور به حينئذ لم يكن للإعانة فليس هو المتنازع فيه بل لأنه غائب قدم والقيام للغائب إذا قدم مشروع ويحتمل أن يكون القيام المذكور إنما هو لتهنئته بما حصل له من تلك المنزلة الرفيعة من التحكيم والرضا بما يحكم به والقيام لأجل التهنئة مشروع أيضا.

وأجاب ابن الحاج على احتجاج النووي بقيام طلحة لكعب بن مالك بأن طلحة إنما قام لتهنئته ومصافحته ولذلك لم يحتج به البخاري للقيام وإنما أورده في المصافحة ولو كان قيامه محل النزاع لما انفرد به فلم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قام له ولا أمر به ولا فعله أحد ممن حضر وإنما انفرد طلحة لقوة المودة بينهما على ما جرت به العادة أن التهنئة والبشارة ونحو ذلك تكون على قدر المودة والخلطة بخلاف السلام فإنه مشروع على من عرفت ومن لم تعرف وإذا حمل فعل طلحة على محل النزاع لزم أن يكون من حضر من المهاجرين قد ترك ما هو مندوب ولا يظن بهم ذلك.

وأجاب ابن الحاج عن احتجاج النووي بقيام النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة باحتمال أن يكون القيام لها لأجل إجلاسها في مكانه إكراما لها لا على وجه القيام المنازع فيه ولا سيما ما عرف من ضيق بيوتهم وقلة الفرش فيها فكانت إرادة إجلاسها في موضعه مستلزمة لقيامه.

واحتج النووي أيضا بما أخرجه أبو داود "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا يوما فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فجلس عليه ثم أقبلت أمه فوضع لها شق ثوبه من الجانب الآخر ثم جاء أخوه من الرضاعة فقام فأجلسه بين يديه" واعترضه ابن الحاج بأن هذا القيام لو كان محل النزاع لكان الوالدان أولى به من الأخ وإنما قام للأخ إما لأن يوسع له في الرداء أو في المجلس.

واحتج النووي أيضا بما أخرجه مالك في قصة عكرمة بن أبي جهل أنه لما فر إلى اليمن يوم الفتح ورحلت امرأته إليه حتى أعادته إلى مكة مسلما فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحا وما عليه رداء واحتج أيضا بقيام النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر لما قدم من الحبشة فقال: ما أدري بأيهما أنا أسر: بقدوم جعفر؟ أو بفتح خيبر؟

وبحديث عائشة "قدم زيد بن حارثة المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم في بيتي فقرع الباب فقام إليه فاعتنقه وقبله" وأجاب ابن الحاج بأنها ليست من محل النزاع.

واحتج النووي بعمومات تنزيل الناس منازلهم وإكرام ذي الشيبة وتوقير الكبير واعترضه ابن الحاج بما حاصله أن القيام على سبيل الإكرام داخل في العمومات المذكورة لكن محل النزاع قد ثبت النهي عنه فيخص من العمومات.

وأخرج الترمذي عن أنس قال: "لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك" قال الترمذي: حسن صحيح غريب وترجم له: باب كراهة قيام الرجل للرجل وأجاب النووي عن هذا الحديث من وجهين. أحدهما أنه خاف عليهم الفتنة

<<  <  ج: ص:  >  >>