للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٥٠٢) باب قول الله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم عنكم ... }]

٤١١٦ - عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين. يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فأخذهم سلما فاستحياهم. فأنزل الله عز وجل {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم} [الفتح: ٢٤]

-[المعنى العام]-

كثيرا ما نكث المشركون عهدهم، وكثيرا ما نقضوا ميثاقهم، وهم يبدءون المسلمين بالغدر في كل مرة، وهذه حادثة من حوادث غدرهم، لقد عقد المسلمون وكفار مكة صلح الحديبية، على أن يعيش كل من الفريقين في أمن وأمان من الآخر، وأن يختلط بعضهم ببعض من غير غدر أو خيانة، لكن قبل أن يجف مداد هذا الصلح، وقبل أن يتحول المسلمون من أماكنهم، يحاول ثمانون رجلا شابا مسلحا أن يستغلوا غفلة المسلمين واعتمادهم على الصلح، وتركهم للسلاح، وعدم أخذهم حذرهم، يحاولون أن يستغلوا ذلك، فيهجموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضوا عليه، وعلى من يتعرض لهم من أصحابه، وفعلا يهجمون، ويواجههم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجها لوجه، ومعه بعض أصحابه، وليس معهم من سلاح، فيلجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه، يسأله الحماية، فيعمي الله أبصارهم، ويأخذ بأسماعهم، فيقفون كالمشلولين، فيمسك بهم الصحابة، ويجردونهم من أسلحتهم، فيعفو رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم فينزل قوله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم عنكم} فأعماهم وأصمهم وشل حركتهم {وأيديكم عنهم} فعفوتم عنهم {ببطن مكة} في الحديبية {من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا} [الفتح: ٢٤]

-[المباحث العربية]-

{كف أيديهم عنكم} كناية عن عدم قتالهم لكم، أو وصول آذاهم إليكم.

{ببطن مكة} بطن كل شيء جوفه، ففي الكلام مجاز المجاورة، أي بجوار بطن مكة: أي بالحديبية، وجزء منها في داخل الحرم، والقرب العام يكفي، ويكون التعبير ببطن مكة عن القريب منها مبالغة.

{من بعد أن أظفركم عليهم} "أظفر" تتعدى بالباء، يقال: أظفره الله بعدوه مكنه منه، وعدى هنا بعلى بتضمين "أظفر" معنى "أعلى" أي من بعد أن أظهركم وأعلاكم عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>