للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على إيمانهم شركا وردة، والذين آمنوا إيمانا صادقا لم يشبه نفاق وكفر باطني أولئك لهم الأمن من عذاب الله في الآخرة. وأولئك هم الذين يهديهم الله إلى طريق الجنة، بعد أن هداهم في الدنيا إلى الطريق المستقيم.

فطابت نفوس الصحابة بهذا التفسير، وهدأ روعهم بهذا البيان، وتسابقوا في الخيرات، وفي البعد عن المنكرات، يحدوهم الرجاء في عفو الله ويدفعهم الأمل في جنته ورضوانه.

-[المباحث العربية]-

(لما نزلت {الذين آمنوا}) "الذين آمنوا" إلى آخر الآية مقصود لفظها فاعل "نزلت".

(ولم يلبسوا) أي لم يخلطوا، تقول: لبست الأمر بتخفيف الباء المفتوحة، ألبسه بكسرها أي خلطته، ولبست الثوب بالكسر ألبس بالفتح. وألبست هذا بذاك، ألبسه بضم الهمزة أي خلطته، وخلط الإيمان بالشرك لا يتصور، فالمراد أنهم لم تحصل لهم الصفتان، كفر متأخر عن إيمان متقدم أي لم يرتدوا، ويحتمل أن يراد أنهم لم يجمعوا بينهما ظاهرا وباطنا، أي لم ينافقوا.

(بظلم) الظلم في اللغة: وضع الشيء في غير محله، وفي الشرع: وضع الأمور الشرعية في غير محلها، أي مخالفة الشرع، وتتفاوت مراتبه، تبدأ بالمخالفة الصغيرة وتنتهي بالشرك. وقد فهم الصحابة أن التنوين في "بظلم" للتنكير، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، فيشمل إدخال أي ظلم على الإيمان، صغر هذا الظلم أو كبر. لكن قال الخطابي: كان الشرك عند الصحابة أكبر من أن يلقب بالظلم، فحملوا الظلم في الآية على ما عداه من المعاصي. اهـ قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، والذي يظهر لي أنهم حملوا الظلم على عموم الشرك فما دونه.

وقال المحققون: إن دخل على النكرة في سياق النفي ما يؤكد العموم ويقويه، نحو "من" في قولك: ما جاءني من رجل، أفاد تخصيص العموم، وإلا فالعموم مستفاد بحسب الظاهر، كما فهمه الصحابة من هذه الآية، وبين لهم صلى الله عليه وسلم أن ظاهرها غير مراد، بل هو من العام الذي أريد به خاص، فالمراد بالظلم أعلى أنواعه وهو الشرك.

(أولئك لهم الأمن) ليس في هذا التعبير قصر، فلا يلزم منه أن من ألبس إيمانه بظلم لا يكون آمنا، وكل ما يقتضيه أن من لم يوجد منه الظلم يكون آمنا، لكن الصحابة أخذوا بمفهوم الصفة، أو فهموا القصر والاختصاص من تقديم الجار والمجرور في "لهم الأمن" أي لهم الأمن لا لغيرهم.

(أينا لا يظلم نفسه) الاستفهام إنكاري بمعنى النفي، أي ليس منا من لا يظلم نفسه.

(ليس هو كما تظنون) ضمير "هو" للحال والشأن، أو ليس المعنى كما تظنون.

(إنما هو كما قال لقمان لابنه) "لقمان" قيل كان حبشيا وقيل كان نوبيا والجمهور على أنه كان حكيما ولم يكن نبيا، وكان في زمن داود عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>