للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمر الظهران) "مر الظهران" بفتح الميم وتشديد الراء، و"الظهران" على نسق تثنية "ظهر" مكان معروف، على مرحلة من مكة.

(ونحن نجني الكباث) بفتح الكاف، وتخفيف الباء، آخرها ثاء، وهو ثمر شجر الأراك، ويسمى البرير، على وزن الحرير، قبل أن يسود، فإذا اسود فهو الكباث، وعكس ابن بطال، فقال: الكباث ثمر الأراك الغصن منه، والبرير ثمره الرطب واليابس، والذي في اللغة أنه ثمر الأراك، وقيل: هو نضيجه، فإذا كان طرياً فهو موز، وقيل عكس ذلك، وأن الكباث الطري، وقال أبو زياد: يشبه التين، يأكله الناس والإبل والغنم، وقال أبو عمرو: هو حار، كأن فيه ملحاً، ومعنى "نجني" نقتطف.

(كأنك رعيت الغنم) في الكلام اختصار، والتقدير: كأنك رعيت الغنم، حتى عرفت أطيب الكباث، لأن راعي الغنم يكثر تردده تحت الأشجار، لطلب المرعى منها، والاستظلال تحتها.

(نعم الأدم -أو الإدام- الخل) "الأدم" بضم الهمزة والدال، ويجوز إسكانها، جمع إدام، وقيل: الأدم بضم الهمزة وإسكان الدال المفرد، كالإدام وبضم الدال الجمع، والإدام بكسر الهمزة ما يؤتدم به، أي ما يستمرأ ويستساغ به الخبز، أي الغموس من أي صنف.

(عن جابر قال النبي صلى الله عليه وسلم سأل أهله الأدم، فقالوا: ما عندنا إلا خل، فدعا به، فجعل يأكل به) أي يغمس ويأتدم به، ويقول إلخ، وتمام الصورة في الروايتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة، إذ كان جابر جالساً في داره، وكانت الدور لا باب لها، أو كان فناؤها يراه المار، فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأنه كان يعلم حاجة جابر إلى الطعام، فأشار إليه، أن أقبل، فأقبل إليه، فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد جابر، وسار به، حتى أتى به بيت إحدى أمهات المؤمنين، ولعلها عائشة، فهي الراوية للرواية السادسة عشرة، فدخل صلى الله عليه وسلم، وترك جابراً على الباب، وكان الحجاب قد فرض على أمهات المؤمنين، ثم خرج فأذن لجابر بالدخول، قال جابر: فدخلت الحجاب عليها، قال النووي: معناه دخلت الحجاب، إلى الموضع الذي فيه المرأة، وليس فيه أنه رأى بشرتها. اهـ وكان الحجاب ستراً يسدل بين الداخل وبين أم المؤمنين، فإذا كانت هي في داخل حجرتها محجبة مغطاة تغطية كاملة صح دخول الأجنبي إلى حجرتها، متخطياً الحجاب المسدل، فهذا معنى قول جابر: فدخلت الحجاب عليها، فقال صلى الله عليه وسلم لزوجه: هل من غذاء؟ قالت: نعم. "فأخرج إليه فلقاً من خبز" قال النووي: هكذا هو في الأصول "فأخرج إليه فلقاً" وهو صحيح، ومعناه أخرج الخادم ونحوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقاً -جمع فلقة، وهي الكسرة. اهـ فالضمير فاعل "أخرج" يعود على الخادم ونحوه مما هو غير مذكور، اعتماداً على المقام، ويحتمل أن يعود الضمير على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمعنى أنه أخرج من بيت زوجه إلى جابر فلقاً من خبز وهذا ظاهر ملحق الرواية الثامنة عشرة فلفظها "عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده إلى منزله، فأخرج إليه فلقاً من خبز ..

" إلخ وهذه الفلق هي التي عبر عنها في الرواية التاسعة عشرة بقوله "فأتى بثلاثة أقرصة، فوضعن على نبي" قال النووي: هكذا هو في أكثر الأصول "على نبي" بنون مفتوحة، ثم باء موحدة مكسورة، ثم ياء مثناة تحت مشددة، وفسروه

<<  <  ج: ص:  >  >>