للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فنبذ الناس خواتيمهم) أي نزعوها، وألقوها بعيدة عن أصابع أيديهم.

(اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورق) في الرواية الخامسة "اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ذهب، ثم ألقاه، ثم اتخذ خاتماً من ورق "وفي الرواية السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة "اتخذ خاتماً من فضة" أي بعد أن ألقى خاتم الذهب، و"الورق" بفتح الواو، وكسر الراء ويجوز إسكانها بعدها قاف وحكي كسر أوله مع السكون الفضة، وقيل: يختص بالمصكوك من الفضة، وفي الرواية التاسعة "خاتماً حلقة فضة" قال النووي: "الحلقة" ساكنة اللام، على المشهور، وفتحها لغة شاذة ضعيفة، وقال: هكذا هو في جميع الأصول "حلقة فضة" بنصب "حلقة" على البدل من "خاتم" وليس فيها هاء ضمير. اهـ قيل: إنه لا يسمى خاتماً إلا إذا كان له فص، فإن كان بلا فص فهو حلقة، وقيل: لا يقال له خاتم إلا إذا كان له فص من غيره، أما إن كان فصه منه فهو حلقة أيضاً وفي الرواية العاشرة "عن أنس بن مالك أنه أبصر في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورق، يوماً واحداً، قال: فصنع الناس الخواتم من ورق، فلبسوه، فطرح النبي صلى الله عليه وسلم خاتمه، فطرح الناس خواتمهم" فهذه الرواية وما بعدها تفيد طرح خاتم الفضة.

قال النووي: قال القاضي: قال جميع أهل الحديث: هذا وهم من ابن شهاب -الراوي عن أنس- والمعروف من روايات أنس، من غير طريق ابن شهاب اتخاذه صلى الله عليه وسلم خاتم فضة، ولم يطرحه، وإنما طرح خاتم الذهب، كما ذكره مسلم في باقي الأحاديث، قال: ومنهم من تأول حديث ابن شهاب، وجمع بينه وبين الروايات، فقال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم تحريم خاتم الذهب اتخذ خاتم فضة، فلما لبس خاتم فضة أراه الناس في ذلك اليوم، ليعلمهم إباحته، ثم طرح خاتم الذهب، وأعلمهم تحريمه، فطرح الناس خواتيمهم من الذهب، فيكون قوله "فطرح الناس خواتمهم" أي خواتم الذهب. قال النووي: وهذا التأويل هو الصحيح، وليس في الحديث ما يمنعه. قال: وأما قوله "فصنع الناس الخواتم من الورق فلبسوه" ثم قال "فطرح خاتمه فطرحوا خواتمهم" فيحتمل أنهم لما علموا أنه صلى الله عليه وسلم يصطنع لنفسه خاتم فضة اصطنعوا لأنفسهم خواتيم فضة، وبقيت معهم خواتيم الذهب، كما بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أن طرح خاتم الذهب، واستبدل به الفضة. اهـ

وقال الإسماعيلي: إن كان الخبر عن ابن شهاب محفوظاً فينبغي أن يكون تأويله أنه اتخذ خاتماً من ورق على لون من الألوان، وكره أن يتخذ غيره مثله، فلما اتخذوه رمى به، حتى رموا به، ثم اتخذ بعد ذلك ما اتخذه، ونقش عليه نقش، ليختم به، ثم أشار الإسماعيلي إلى تأويل آخر، وأنه اتخذه للزينة، فلما تبعه الناس فيه رمى به، فلما احتاج إلى الختم اتخذه ليختم به، قال المحب الطبري: وهذا متكلف، وقيل: يخدشه أنه يستلزم اتخاذ خاتم الورق مرتين.

وقال ابن بطال: خالف ابن شهاب رواية قتادة وثابت وعبد العزيز بن صهيب، في كون الخاتم الفضة، فوجب الحكم للجماعة، واعتبار الزهري واهماً فيه، وقال المهلب: قد يمكن أن يتأول لابن شهاب ما ينفي عنه الوهم، وإن كان الوهم أظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>