للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- ونقل ابن عبد البر عن بعضهم أن أم حرام كانت منه ذات محرم، من قبل خالاته، لأن أم عبد المطلب جده كانت من بني النجار، قال ابن وهب: قال بعضهم: إنما كانت خالة لأبيه أو جده عبد المطلب.

- وقال ابن الجوزي: سمعت بعض الحفاظ يقول: كانت أم سليم أخت آمنة بنت وهب، أم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة. اهـ. وبالغ الدمياطي في الرد على من ادعى المحرمية.

- وقال بعضهم: بل كان النبي صلى الله عليه وسلم معصوما، يملك أربه عن زوجته، فكيف عن غيرها، مما هو المنزه عنه، وهو المبرأ عن كل فعل قبيح، فيكون ذلك من خصائصه، ورده القاضي عياض بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال، وثبوت العصمة مسلم، لكن الأصل عدم الخصوصية، وجواز الاقتداء به في أفعاله، حتى يقوم على الخصوصية دليل.

- وقال بعضهم: ثبت في الصحيح "أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يدخل على أحد من النساء، إلا على أزواجه، وإلا على أم سليم، فقيل له ... ، فقال: أرحمها، قتل أخوها معي يعني حرام بن ملحان، وكان قتل يوم بئر معونة" وأم حرام وأم سليم أختان، كانتا في دار واحدة، كل واحدة منهما في بيت من تلك الدار، وحرام بن ملحان أخوهما معا، فالعلة مشتركة فيهما، وتعقب بأن الشهداء كثيرون، ولم يثبت أنه فعل مع أخت أحدهم ما فعله مع أم سليم وأختها، وقد أضاف بعضهم إلى العلة المذكورة أن أنسا ابن أم سليم كان خادم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جرت العادة بمخالطة المخدوم خادمه وأهل خادمه، ورفع الحشمة التي تقع بين الأجانب عنهم. قلت: جريان العادة لا يغير حكم الشرع، ولا يرخص فيه.

- وقال بعضهم: يحتمل أن يكون ذلك قبل الحجاب، ورد بأن ذلك كان بعد الحجاب قطعا، فقد مضى أنه كان بعد حجة الوداع.

- وقال بعضهم: ليس في الحديث ما يدل على الخلوة بأم أنس أو أم حرام، ولعل ذلك كان مع وجود ولد أو خادم أو زوج أو تابع، قال الحافظ ابن حجر: وهو احتمال قوي، لكنه لا يدفع الإشكال من أصله، لبقاء الملامسة في تفلية الرأس، وكذا النوم في الحجر. قال: وأحسن الأجوبة دعوى الخصوصية، ولا يردها كونها لا تثبت إلا بدليل، لأن الدليل على ذلك واضح، اهـ. قلت: ليس بأحسن الأجوبة، لأنها لو كانت خصوصية له صلى الله عليه وسلم لاستخدمها مع غيرهما، أما الاقتصار عليهما فالأشبه أنها خصوصية لهما، ولأمر خاص بهما، فأحسن الأجوبة القول بالمحرمية.

١٤ - يؤخذ من الرواية الثامنة أن مثل صلصلة الجرس كانت علامة على قدوم الوحي، إشعارا للرسول صلى الله عليه وسلم، ليتفرغ له، ويستعد للقائه ويتهيأ لاستقباله، وقد استشكل هذا بأن الجرس مذموم، لصحة النهي عنه، والتنفير من مرافقة ما هو معلق فيه، والإعلام بأنه لا تصحبهم الملائكة، كما سبق في الأحاديث، فكيف يشبه ما فعله الملك بأمر تنفر منه الملائكة؟ والجواب أن الصوت الذي يصاحب الملك ليس صوت جرس، حتى ينفر منه، إنما هو شبيه به، في وجه ما، فذكر ما ألفه السامعون سماعه تقريبا للأفهام، ولا يشترط في التشبيه تساوي المشبه والمشبه به في الصفات كلها، بل ولا في أخص وصف له، بل يكفي اشتراكهما في صفة ما.

<<  <  ج: ص:  >  >>