للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٦٢٨) باب فضل النظر إليه صلى الله عليه وسلم]

٥٣٣٦ - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده! ليأتين على أحدكم يوم ولا يراني. ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم". قال أبو إسحاق: المعنى فيه عندي، لأن يراني معهم أحب إليه من أهله وماله وهو عندي مقدم ومؤخر.

-[المعنى العام]-

للإنسان حواسه الخمسة، وله شعوره ووجدانه، وعن طريق الحواس الظاهرة والباطنة يتمتع الإنسان بالنعيم، ويشقى بالآلام والكروب، وحب الإنسان لشيء لا يكون لذاته، بل لصفة فيه، ولا شك أن العقل والوجدان والروح والشعور الداخلي للمؤمن الحق سعيد بالإسلام وبرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، أما الحواس الظاهرة فهي طريق أيضا لسعادة المؤمن، وقد مر بنا من صفات خلقته صلى الله عليه وسلم طيب ريحه، وجوامع كلمه، والتبرك بفضلات طعامه وشرابه، ولين ملمسه، وهذا الحديث في متعة النظر إليه صلى الله عليه وسلم، فرؤيته صلى الله عليه وسلم خير من الأهل والمال والولد، لأنه أساس في إثبات الصحبة، والصحبة من أفضل خصال الإسلام، وخير القرون قرنه صلى الله عليه وسلم، ولقد أتى زماننا متأخرا، فلم يكتب لنا أن نسعد برؤيته، فهل شوقنا لرؤيته، وحنيننا إلى رؤيته صلى الله عليه وسلم يقوم مقام رؤيته؟ أو يسد - ولو جزئيا - مسد رؤيته؟ نسأل الله تعالى أن يمنحنا وصال الروح، حيث حرمنا وصال الأجساد، وأن يجمعنا به صلى الله عليه وسلم في الآخرة وأن يجعلنا من أهل شفاعته.

-[المباحث العربية]-

(ليأتين على أحدكم يوم ولا يراني) الخطاب للصحابة السامعين له، أي ستشغلكم الدنيا وأمور الحياة عن ملازمتي في مسجدي وفي حلي وترحالي، وسيأتي على بعضكم يوم، بل أيام لا يراني فيها، وقد وقع ذلك من أقرب الناس إليه، عمر بن الخطاب، فقد كان يزرع في أرض الأنصار في أطراف المدينة، وينزل يوما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وينزل جاره يوما، بل كانت التجارة والأسواق تشغله أياما عن النزول أحيانا، حتى قال: ألهاني عنه الصفق بالأسواق.

(ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم) يقول أبو إسحاق الراوي: هو عندي، مقدم ومؤخر، مراده أن كلمة "ثم" أخرت، وأصلها مقدم على "لا يراني" و"ثم لا يراني" مقدم من

<<  <  ج: ص:  >  >>