للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العباس فأكب عليه. فقال: ويلكم! ألستم تعلمون أنه من غفار وأن طريق تجاركم إلى الشام عليهم. فأنقذه منهم ثم عاد من الغد بمثلها. وثاروا إليه فضربوه. فأكب عليه العباس فأنقذه.

-[المعنى العام]-

أبو ذر الغفاري الزاهد المشهور، الصادق اللهجة، مختلف في اسمه واسم أبيه، والمشهور أنه جندب بن جنادة بن سكن، وقيل: اسم جده سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار وأمه اسمها رملة بنت الوقيعة، غفارية أيضا، والحديث يحكي قصة إسلامه وأنه من السابقين الأوائل يقال: إن إسلامه كان بعد أربعة، وانصرف إلى بلاده، فأقام بها، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ومضت بدر وأحد، ولم يتهيأ له الهجرة إلا بعد ذلك، وكان طويلا نحيفا أسمر اللون وكان صلى الله عليه وسلم يبتدئ أبا ذر إذا حضر، ويفتقده إذا غاب، وقد روي عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئته يوم تركته فيها، وإنه والله ما منكم من أحد إلا وقد نشب فيها بشيء غيري" فكان زاهدا واشتهر عنه مذهب يقول: المال مال الله، وأن كل فضل زائد عن الحاجة من مال هو مال المسلمين وهو كنز يذم فاعله، وأن آية الوعيد {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون} [التوبة: ٣٤، ٣٥] كان يرى أن هذه الآية نزلت في ذلك وخالفه جمهور الصحابة ومن بعدهم وحملوا الوعيد على مانعي الزكاة.

سكن الشام بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يعظ الناس في المسجد، ويقول: هلم لا يبيتن عند أحدكم دينار ولا درهم، إلا ما ينفقه في سبيل الله. فضاق به معاوية ذرعا، وكان واليا على الشام من قبل عثمان فكتب إلى عثمان: إن كان لك بالشام حاجة فابعث إلى أبي ذر فكتب إليه عثمان: أن أقدم علي، فقدم المدينة، وأخذ يقول في مسجد المدينة ما كان يقوله في مسجد الشام، وتذمر المسلمون إلى عثمان من قول أبي ذر، وأخذوا ينفرون إذا رأوا أبا ذر بل يفرون من وجهه إذا رأوه في الطريق، أو يتجمعون حوله، يسألونه عن سبب إخراجه من الشام، فخشي عثمان على أهل المدينة ما خشيه معاوية على أهل الشام، فقال له: تنح قريبا عن المدينة، أو دع ما تقول.

فقال: والله لا أدع ما كنت أقوله، فاختار الربذة - بفتح الراء والباء قرية بين مكة والمدينة - فنزل بها حتى مات سنة إحدى وثلاثين، وصلى عليه عبد الله بن مسعود وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يرحم الله أبا ذر يعيش وحده ويموت وحده ويحشر وحده" رضي الله عنه وأرضاه.

-[المباحث العربية]-

(خرجنا من قومنا غفار) سيأتي قريبا من فضائل هذه القبيلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>