للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[المباحث العربية]-

(رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة) العقبة المرقى الصعب من الجبال، والمراد من المدينة هنا مكة، أي رآه مصلوبا، منكسا، رأسه إلى أسفل، على قمة جبل في مكة.

(فجعلت قريش تمر عليه والناس) من غير قريش، منهم من يدعو له ويترحم عليه، ومنهم من يرى لحب الاستطلاع.

(حتى مر عليه عبد الله بن عمر، فوقف عليه) أي على الأرض القريبة منه.

(فقال: السلام عليك: أبا خبيب) بضم الخاء وفتح الباء، مصغر، ناداه بكنيته، كني بأكبر أبنائه وكانت له كنية أخرى، هي أبو بكر.

(أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا) قالها ثلاثا، والمشار إليه أسباب هذا الصلب، وهو مقاتلة الجبارين، والوقوف أمامهم.

(أما والله إن كنت ما علمت، صواما، قواما، وصولا للرحم) "إن" مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير محذوف، أي إن الحال والشأن والحقيقة، والجملة خبرها، و"وصولا" اسم مبالغة لاسم الفاعل، أي كثير الوصل للرحم، قال القاضي: وهو أصح من قول بعض الإخباريين، ووصفه بالإمساك. وقد عده صاحب الكتاب الأجود فيهم - أي في الأجودين، وهو المعروف من أحواله. اهـ. أي هذا الوصف، وأنه وصول للرحم كريم، أصح من وصف بعض المؤرخين له بالبخل، والإمساك، وفي الاستيعاب لابن عبد البر: قال علي بن زيد بن الجدعاني: كان عبد الله بن الزبير كثير الصلاة، كثير الصيام، شديد البأس، كريم الجدات، والأمهات والخالات، إلا أنه كانت فيه خلال، لا تصلح معها الخلافة، لأنه كان بخيلا، ضيق العطاء.

(أما والله لأمة أنت أشرها لأمة خير) الأفصح أن يقال: شرها، قال النووي: هكذا هو في كثير من نسخنا "لأمة خير" وكذا نقله القاضي عن جمهور رواة مسلم، وفي أكثر نسخ بلادنا "لأمة سوء"، ونقله القاضي عن رواية السمرقندي. قال: وهو خطأ وتصحيف. اهـ. والمعنى: إن أعداءك يقولون عنك: إنك أكثر الأمة شرا، وحقيقتك أنك من أحسنها، فإذا كنت شرا كانت الأمة كلها خيرا.

والمعنى ليس فاسدا على الرواية الأخرى، أي إذا كنت شرا فالأمة كلها شر وسوء، لأنك من أحسنها.

(ثم نفذ عبد الله بن عمر) بفتح النون والفاء بعدها ذال، أي مضى وذهب لحاله.

(فبلغ الحجاج موقف عبد الله بن عمر، وقوله) فخشي تأثير هذا القول في المسلمين، وخشي احتمال غضبتهم للمصلوب.

(فأرسل إليه) أي إلى ابن الزبير.

(فأنزل عن جذعه) المصلوب عليه، وفي الاستيعاب لابن عبد البر: قال أبو عمر: رحل عروة بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان، فرغب إليه في إنزاله من الخشبة، فأسعفه، فأنزل.

<<  <  ج: ص:  >  >>