للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا سر خطئه، وإجابة دعاء أمه، وكان الأولى به أن يقطع صلاته، ويبرها، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لو كان جريج عالما لعلم أن إجابته أمه، أولى من عبادته ربه".

وقد استنبط منه بعض العلماء جواز قطع الصلاة لإجابة نداء الأم مطلقا، نفلا أو فرضا، لأنه لم تحدد صلاة جريج، وهو وجه في مذهب الشافعية، ومنعه بعضهم نفلا وفرضا، وحملوا هذا الحديث على أن قطع الصلاة كان مباحا عندهم في شرعهم، والأصح عند الشافعية أن الصلاة إن كانت نفلا، وعلم تأذي الوالد بالترك، وجبت الإجابة، وإلا فلا، وإن كانت فرضا، وضاق الوقت لم تجب الإجابة، وإن لم يضق وجبت، وعند المالكية أن إجابة الوالد في النافلة أفضل من التمادي فيها، وحكى بعضهم أن ذلك يختص بالأم، دون الأب، ورد بأنه لم يقل به أحد من السلف.

٢ - واستدل به على إجابة دعاء الأم، ولو كان بالضرر للابن.

٣ - ولو كان الابن معذورا.

٤ - قال بعضهم: وفيه الرفق بالتابع، إذا جرى منه ما يقتضي التأديب، لأن أم جريج مع غضبها منه، لم تدع عليه إلا بما دعت به خاصة، ولولا طلبها الرفق به لدعت عليه بوقوع الفاحشة أو القتل. قاله الحافظ ابن حجر. وفيه نظر، إذ العقوبة التي دعت عليه بها أفظع بكثير من الجناية التي اقترفها، فلا رفق فيها، وتظهر فظاعتها فيما حصل له، وما كان يمكن أن يحصل لولا لطف الله به، وما كان لها أن تدعو عليه بوقوع الفاحشة، فذاك دعاء بالفحش، ولا بالقتل، لأنه يؤلمها هي بالدرجة الأولى، ولو قيل: فيه قسوة الأم على ابنها عند الغضب، لكان أولى.

٥ - وفيه أن صاحب الصدق مع الله لا تضره الفتن غالبا.

٦ - وفيه قوة يقين جريج وصحة رجائه، لأنه استنطق المولود، مع كون العادة أنه لا ينطق، ولولا صحة رجائه بنطقه ما استنطقه. قاله الحافظ ابن حجر. وأميل إلى أن الله تعالى ألهمه، مناما أو بغير منام أن ذلك سيقع، ففعل ما فعل مطمئنا للكرامة.

٧ - وفيه أن الله تعالى يجعل لأوليائه عند ابتلائهم مخرجا، وإنما يتأخر ذلك عن بعضهم في بعض الأوقات، تهذيبا وزيادة لهم في الثواب.

٨ - وفيه إثبات كرامات الأولياء.

٩ - ووقوع الكرامة لهم باختيارهم وطلبهم، وقال ابن بطال: يحتمل أن يكون جريج كان نبيا، فتكون معجزة، لكن هذا المأخذ يمكن أخذه من المرأة التي كلمها ولدها المرضع.

١٠ - وفيه جواز الأخذ بالأشد في العبادة، لمن علم من نفسه قوة على ذلك.

١١ - وفيه أن مرتكب الفاحشة لا تبقى له حرمة، حتى في العصور السابقة على الإسلام.

١٢ - واستدل به بعضهم على أن بني إسرائيل كان من شرعهم أن المرأة تصدق، ويقبل قولها فيما تدعيه على الرجال، من الوطء، ويلحق به الولد، وأنه لا ينفعه جحد ذلك، إلا بحجة تدفع قولها.

١٣ - استدل به بعضهم على نسبة ابن الزاني للزاني، فمن زنى بامرأة فولدت بنتا، لا يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>