للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الرحم اهـ وقيل إن في رحم المرأة قوتين قوة انبساط عند ورود مني الرجل حتى ينتشر في جسد المرأة وقوة انقباض بحيث لا يسيل من فرجها مع كونه منكوسا ومع كون المني ثقيلا بطبعه وفي مني الرجل قوة الفعل وفي مني المرأة قوة الانفعال فعند الامتزاج يصير مني الرجل كالأنفحة للبن اهـ فالمراد من الجمع التجمع بعد الانتشار والتماسك والامتزاج والتفاعل وقيل إن ابن مسعود فسره بأن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله أن يخلق منها بشرا طارت في جسد المرأة تحت كل ظفر وشعر ثم تمكث أربعين يوما ثم تنزل دما في الرحم فذلك جمعها اهـ وقد رجح الطيبي هذا التفسير وقال الصحابي أعلم بتفسير ما سمع وتأويله أولى بالقبول وأكثر احتياطا في ذلك من غيره اهـ

وظاهر تفسير ابن مسعود أن ابتداء الجمع من ابتداء الأربعين وظاهر التوجيهات الأخرى أن ابتداء الجمع من حين اختلاط ماء الرجل بماء المرأة

ولا يضر التعبير في بعض الروايات باليوم وبعضها بالليلة فالمراد أربعون ليلة بأيامها أو أربعون يوم بلياليها ولا يضر التعبير في بعض الروايات بالبطن كما في روايتنا الأولى وفي بعضها بالرحم كما في روايتنا الثانية والرابعة فإن المقصود حقيقة في الرحم والرحم في البطن والمظروف في المظروف في شيء مظروف في ذلك الشيء ولكن المشكل ما جاء في بعض الروايات من زيادات على الأربعين كروايتنا الثانية ولفظها "بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة" وروايتنا الثالثة "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة" وملحق روايتنا الرابعة "لبضع وأربعين ليلة" فالبعض جزم بالأربعين والبعض زاد ثنتين أو ثلاثا أو خمسا أو بضعا ثم منهم من جزم ومنهم من تردد وقد جمع بينها القاضي عياض بأنه ليس في رواية ابن مسعود بأن ذلك يقع عند انتهاء الأربعين الأولى وابتداء الأربعين الثانية بل أطلق الأربعين فاحتمل أن ذلك يقع في أوائل الأربعين الثانية قال ويحتمل أن يجمع الاختلاف في العدد الزائد على أنه بحسب اختلاف الأجنة قال الحافظ ابن حجر وهو جيد لو كانت مخارج الحديث مختلفة لكنها متحدة وراجعة إلى أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد فدل على أنه لم يضبط القدر الزائد على الأربعين والخطب فيه سهل اهـ أي مادام المخرج واحدا كان نطق الرسول صلى الله عليه وسلم بالعدد واحدا والاختلاف من الرواة

(ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك) أي ثم يكون في الرحم علقة أربعين يوما وفي رواية للبخاري "ثم علقة مثل ذلك" والعلقة قطعة دم جامد تتعلق بجدار الرحم ولفظ "يكون" معناه يصير

(ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك) والمضغة قطعة اللحم الصغيرة سميت بذلك لأنها قدر ما يمضغ الماضغ والمعنى أن النطفة تكون في نهاية الأربعين الأولى علقة ثم تنقلب إلى صفة المضغة في نهاية الأربعين الثانية ولا شك أن انقلابها من صفة إلى صفة لا يكون فجأة بل شيئا فشيئا فيخالط الدم النطفة في الأربعين الأولى بعد انعقادها وامتدادها وتجري في أجزائها شيئا فشيئا حتى تتكامل علقة في الأربعين الثانية ثم يخالطها اللحم شيئا فشيئا إلى أن تشتد فتصير

<<  <  ج: ص:  >  >>