للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشَّجَرَةِ إِلَاّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَاّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ

قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف ٢٠ - ٢٣] ثم اجتباه ربه وتاب عليه وهداه لكنه حكم عليه بعقوبة مؤقتة {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} [الأعراف ٢٤ - ٢٥] وهبط آدم وحواء وإبليس إلى الأرض وبدأت الرحلة الشاقة وبدأ أبناؤهما يدفعون ثمن خطيئتهما

هل كان آدم في مقدوره أن يخالف القضاء لقد قال تعالى للملائكة {إني جاعل في الأرض خليفة} [البقرة ٣٠] فالمقدر والمكتوب أن يقضى هو وذريته رحلة في الأرض يشاركهم فيها إبليس وجنوده ولا بد من نفاذ القدر فهل يلام آدم أن كان سببا في رحلة العذاب أو لا يلام فالأمر أمر قدر وقضاء

تلك قضية حديثنا التقت روح موسى عليه السلام بروح آدم عليه السلام في الملأ الأعلى قال له موسى أنت آدم أبو البشر قال نعم قال أنت آدم الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأسكنك جنته قال نعم قال أنت الذي نهاك ربك عن الأكل من شجرة واحدة فعصيته وأكلت منها أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة أنت الذي أشقيت الناس أنت الذي أدخلت ذريتك النار فوالله لولا ما فعلت ما دخل أحد من ذريتك النار خيبتنا وحرمتنا من نعيم الجنة زمنا لا ذنب لنا فيه بل حرمت بعض ذريتك من نعيم الجنة حرمانا أبديا لماذا يا آدم أشقيت نفسك وأشقيت ذريتك وعرضتنا للغواية والمعصية والضلال

وكما هو الشأن في طبيعة الآباء مع الأبناء مهما ظهرت من الأبناء قسوة أو تعنيف أو ما لا يليق تبسم آدم وقال من أنت قال أنا موسى قال نبي بني إسرائيل قال نعم قال أنت الذي اصطفاك ربك وكلمك تكليما دون وسيط من خلقه قال نعم قال أنت الذي أعطاك التوراة وكتب لك الألواح بيده وعلمك حتى ظننت أنك أعلم أهل الأرض كيف خفي عليك أن كل شيء مخلوق بقدر لقد قتلت نفسا بغير حق ففتنك الله فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى كيف تلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة وقال لملائكته {إني جاعل في الأرض خليفة} [البقرة ٣٠] أنا لم أخرجكم من الجنة لقد أكلت من الشجرة وتاب الله علي وكان يمكن أن نبقى في الجنة لكنه جل شأنه نفذ قضاءه وقدره فهبطنا إلى الأرض ولولا ذلك ما كان هناك كفار وما اصطفاك الله وما كنت رسولا تأدب يا موسى فأنا أبوك

وغلب آدم موسى وأسكت آدم موسى وعاد بينهما التعاطف والرضا صلى الله عليهما وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>