للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليس معنى أنه يولد على الإسلام أن تجري عليه أحكام المسلم لو لم يهوده أبواه بأن مات أبواه اليهوديان قبل ولادته مثلا كما روي هذا عن الإمام أحمد حيث قال ابن القيم جاء عن أحمد أجوبة كثيرة يحتج فيها بهذا الحديث على أن الطفل إنما يحكم بكفره بأبويه فإذا لم يكن بين أبوين كافرين فهو مسلم اهـ

القول الثاني في المراد بالفطرة هنا أنها ما يصير إليه من الشقاوة أو السعادة فمن علم الله أنه يصير مسلما ولد على الإسلام ومن علم أنه يصير كافرا ولد على الكفر وتعقب أنه لو كان كذلك لم يكن لقوله "فأبواه يهودانه ... إلخ" معنى لأنهما فعلا به ما هو الفطرة التي ولد عليها فينافي التمثيل بحال البهيمة

القول الثالث أن المراد بها هنا العهد الذي أخذه الله على الذرية فقالوا جميعا بلى أما أهل السعادة فقالوها طوعا وأما أهل الشقاوة فقالوها كرها فكل مولود يولد على ما أقر عليه في الميثاق فإن كان طوعا ولد على الإسلام وإن كان قد قالها كرها ولد على الكفر وتعقب بأنه يحتاج إلى نقل صحيح فإنه لا يعرف هذا التفصيل عند أخذ الميثاق إلا عن السدي ولم يسنده وكأنه أخذه من الإسرائيليات

القول الرابع أن المراد بالفطرة هنا الخلقة غير المطبوعة على شيء الصالحة للسعادة والشقاوة أي يولد سالما لا يعرف كفرا ولا إيمانا ثم يعتقد إذا بلغ التكليف ورجحه ابن عبد البر وقال إنه يطابق التمثيل بالبهيمة وتعقب بأن لو كان كذلك لم يقتصر في أحوال التبديل على ملل الكفر [يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه] دون ملة الإسلام ولم يكن لاستشهاد أبي هريرة بالآية معنى

القول الخامس أن المراد بها فطرة أبويه وهو متعقب بما تعقب به ما قبله

قال ابن القيم والقدرية كانوا يحتجون بهذا الحديث على أن الكفر والمعصية ليسا بقضاء الله بل بما ابتدأ الناس إحداثه والجواب أن معنى "فأبواه يهودانه" محمول على أن ذلك يقع بتقدير الله تعالى

أما عن القضية الثانية أولاد المسلمين وأولاد الكافرين فالجمهور على أن أولاد المسلمين في الجنة قالوا لأنهم سبب في حجب آبائهم عن النار كما سبق في باب "من مات له ولد فاحتسب" ومن كان سببا في حجب النار عن أبويه فأولى به أن يحجب النار عن نفسه لأنه أصل الرحمة وسببها قال النووي أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة وتوقف بعضهم في مآلهم لحديث عائشة روايتنا العاشرة والحادية عشرة قال والجواب عنه أنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير دليل أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة اهـ

وقال المازري الخلاف في غير أولاد الأنبياء اهـ وفيه نظر فأولاد الأنبياء ينطبق عليهم ما ينطبق على غيرهم وقد كان بعض أولاد الأنبياء كافرا كابن نوح أما من ثبت دخوله الجنة منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>