للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وضوئه أو تأكد من نظافتهما، وهذا الأخير أولى وأحوط.

٢ - أما الاغتراف من الماء القليل فعبارته في الرواية الثانية "ثم أدخل يمينه في الإناء، فمضمض" وفي الرواية الأولى بعد باب "ثم أدخل يده فاستخرجها فمضمض .. ثم أدخل يده فاستخرجها، فغسل وجهه" .. ثم أدخل يده فاستخرجها، فغسل يديه إلى المرفقين. إلخ".

وفي رواية البخاري لحديث عبد الله بن زيد "ثم أدخل يديه فاغترف بهما فغسل وجهه ثلاثا" وفي رواية أخرى للبخاري "ثم أخذ غرفة، فجعل بها هكذا، أضافها إلى يده الأخرى، فغسل بهما وجهه" وفي سنن أبي داود في وصف علي لوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثم أدخل يديه في الإناء جميعا، فأخذ بهما حفنة من ماء فضرب بها على وجهه" قال النووي: فهذه أحاديث، في بعضها "يده" وفي بعضها "يده وضم إليها الأخرى" فهي دالة على جواز الأمور الثلاثة، وأن الجميع سنة. ويجمع بين الأحاديث بأنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في مرات، وهي ثلاثة أوجه لأصحابنا، ولكن الصحيح منها والمشهور الذي قطع به الجمهور، ونص عليه الشافعي أن المستحب أخذ الماء للوجه باليدين جميعا، لكونه أسهل وأقرب إلى الإسباغ، والله أعلم. اهـ. ويمكن أن يقال في الجمع بين هذه الأوجه الثلاثة: إنه إذا كان فم الإناء واسعا، أو كان الاغتراف من قناة أو بحر مثلا فالمستحب أخذ الماء باليدين معا لا غير، وإن كان فم الإناء يسمح بضم اليد الأخرى لتقرب وتساعد أختها في جمع الماء فالمستحب ضمها لا غير، وإن كان لا يسمح إلا بيد واحدة استحب بها وأن تكون اليمنى. والله أعلم.

ويجرنا هذا إلى البحث في طهورية الماء المغترف منه، ومن المقرر عند جمهور العلماء والشافعي وابن حنبل ومالك في إحدى الروايتين وأبي حنيفة في رواية عنه أن الماء المستعمل في الغسل أو الوضوء يخرج عن كونه أهلا للتطهير لما رواه مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" فقالوا: يا أبا هريرة كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولا".

وحكم الوضوء حكم الغسل.

وذهب الحسن البصري والنخعي ومالك وأبو حنيفة في إحدى الروايات عنهما وجميع أهل الظاهر إلى أن الماء المستعمل باق على طهوريته.

وأصحاب الرأي الأول القائلون بزوال طهورية الماء المستعمل يقولون: إن الماء مادام مترددا على العضو لا يصير مستعملا، فإذا انفصل زالت طهوريته.

ويقول النووي في المجموع: إذا غمس المتوضئ يده في إناء، فيه دون القلتين، فإن كان قبل غسل الوجه لم يصر الماء مستعملا، سواء نوى رفع الحدث أم لا (لأن ترتيب وضوء اليد بعد الوجه) وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>