للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عاشرتها: إعفاء اللحية وعدم حلقها، وليس المقصود بهذه الخصلة نفس المقصود من غيرها بل هي خصلة قصد بها تكوين شخصية إسلامية، وإبراز كيان وهيئة تميز المسلم عن غيره من المجوس والمشركين واليهود والنصارى لقد كان الإسلام ينتشر بين قبائل العرب وغير العرب، بين متعارفين وغير متعارفين، وستكون بينه وبين غيره من الملل عداوة وحروب، وفي هذه الحالة وعلى ضوء هذه الظروف كانت الحاجة ماسة إلى سمة وعلامة يميز بها المسلم، فماذا يمكن أن تكون تلك العلامة؟ الثياب والملابس متشابهة، ومن السهل لو غايرناها أن يخدعنا بارتدائها الأعداء، إن المسلمين في حاجة شديدة إلى مخالفة في الهيئة وإن المجوس والمشركين وأهل الكتاب يطلقون شواربهم، وهم يعتزون بهذا المظهر اعتزازهم برجولتهم، فما أحسن الهيئة لو خالفهم المسلمون فقصوا الشوارب وأرخوا اللحى، وقد كان الأمر العظيم من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "خالفوا اليهود والنصارى وخالفوا المجوس، قصوا الشارب وأعفوا اللحى".

-[المباحث العربية]-

(الفطرة خمس -أو خمس من الفطرة) شك من الراوي في أي اللفظين صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد جزم في الرواية الثانية، فقال "الفطرة خمس" وفي المراد من الفطرة قال الخطابي: ذهب العلماء إلى أن المراد بالفطرة هنا السنة، وكذا قال غيره، قالوا: والمعنى أنها من سنن الأنبياء، ويؤيده ما جاء في بعض الروايات "من السنة قص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر".

قال الراغب: أصل الفطر بفتح الفاء الشق طولا، ويطلق على الاختراع وعلى الإيجاد، والفطرة الإيجاد على غير مثال.

وقال أبو شامة: أصل الفطرة الخلقة المبتدأة، ومنه {فاطر السماوات والأرض} [يوسف: ١٠١] أي المبتدئ خلقهن، وقوله صلى الله عليه وسلم "كل مولود يولد على الفطرة" أي على ما ابتدأ الله خلقه عليه، وفيه إشارة إلى قوله تعالى {فطرة الله التي فطر الناس عليها} [الروم: ٣٠]؛ والمعنى أن كل أحد لو ترك من وقت ولادته وما يؤديه إليه نظره لأداه إلى الدين الحق، وهو التوحيد، ويؤيده قوله تعالى قبلها {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها} [الروم: ٣٠] وإليه يشير في بقية الحديث حيث عقبه بقوله "فأبواه يهودانه أو ينصرانه" والمراد بالفطرة: التي فطر العباد عليها وحثهم عليها واستحبها لهم، ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها صورة. اهـ.

وسوغ الابتداء بالنكرة في رواية "خمس من الفطرة" أن "خمس" صفة لموصوف محذوف، والتقدير: خصال خمس، أو على تقدير الإضافة، أي خمس خصال.

(الختان) خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: إحداها الختان، وهو بكسر الخاء وتخفيف التاء، مصدر ختن، أي قطع، والختن بفتح الخاء وسكون التاء قطع بعض مخصوص من عضو مخصوص، والختان اسم لفعل الخاتن، ويطلق على موضع الختان أيضا، كما في حديث عائشة "إذا التقى الختانان وجب الغسل" والأول هو المراد هنا، وستأتي كيفيته الشرعية في فقه الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>