للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(والله لو منعوني عقالا) ذهب جماعة إلى أن المراد بالعقال زكاة عام، وهو معروف في اللغة بذلك، وهو قول الكسائي وأبي عبيد والمبرد وغيرهم من أهل اللغة، وهو قول جماعة من الفقهاء.

وذلك لأن العقال هو الحبل الذي يعقل به البعير، وهو لا يجب دفعه في الزكاة، فلا يجوز القتال عليه.

وذهب الأكثرون إلى حمل العقال أولا على حقيقته، وأن المراد به الحبل الذي يعقل به البعير، ثم أريد به قدر قيمته، خرج مخرج التقليل لا مخرج الحقيقة، وكل ما كان في هذا السياق أحقر فهو أبلغ. والعرب إذا بالغت في التقليل تذكر ما لا يقصد به الحقيقة، ومنه الحديث "لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة" والحديث "من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة (أي عش طائر صغير) بنى الله له بيتا في الجنة" ويقوي هذا الرأي رواية "لو منعوني جديا أذوط" والأذوط الصغير الفك والذقن. قال النووي: وهذا هو الصحيح الذي لا ينبغي غيره.

(فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال) الفاء في جواب "أما" المحذوفة، والتقدير: ذاك موقف أبي بكر، أما موقفي فوالله ما هو إلا أن رأيت ... إلخ.

وضمير "هو" للحال والشأن، والمراد من الرؤية العلم والمعرفة، وإيقاع الرؤية على الله غير مقصود بل المقصود إيقاعها على شرح الله صدر أبي بكر، والاستثناء مفرغ من عموم الأخبار، أي أما حالي فوالله ما هو إلا أن عرفت شرح الله صدر أبي بكر للقتال.

(فعرفت أنه الحق) اسم "أن" يعود على القتال، أي فعرفت أن قتال مانعي الزكاة هو الحق، ظهر لي ذلك عن طريق الحجة والبرهان لا عن طريق التقليد والإذعان.

-[فقه الحديث]-

يمكن حصر الكلام عن الحديث في خمس نقاط:

الأولى: بيان حال مانعي الزكاة وشبهتهم وردها، وحكمهم في الإسلام.

الثانية: توضيح المناظرة بين أبي بكر وعمر، وبسط حجة كل منهما.

الثالثة: حكم أبي بكر فيهم بعد الغلبة عليهم، وموقف عمر من هذا الحكم.

الرابعة: موقف الروافض، وإدانتهم أبا بكر في المسألة، والرد عليهم.

الخامسة: ما يؤخذ من الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>