للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأسفل لم يجزئ عند الجمهور، إذ لم يثبت الاقتصار على الأسفل، والمعتمد في الرخص الاتباع، فلا يجوز غير ما ثبت التوقيف فيه، وعن علي رضي الله عنه "لو كان الدين بالرأي كان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه" رواه أبو داود.

ويجزئ المسح بغير اليد كالخشبة والخرقة والفرشاة، ولا يستحب تكرار المسح، بل قيل: إنه مكروه، ولو كان في أسفل الخف نجاسة لم يمسح على الأسفل، لأنه لو مسحه زاد التلويث، ولزمه غسل اليد، وغسل أسفل الخف والذي تستريح إليه النفس أن المسح على الخفين جاز للتيسير ورفع المشقة ويكفي ما يطلق عليه مسح، ولو موضع أنملة، ولا يطلب أكثر من ذلك، لما فيه من المشقة، وتعريض الخف للتلف، ثم إن المسح على الخفين أبيح في ظروف خاصة، ومعظمها كان سفرا وحربا، وقلة ماء، وأرض نظيفة خالية من النجاسة أو قليلتها، وجو شديد الحرارة أو شديد البرودة، يشق معه نزع الخف وغسل الرجلين. أما في مثل ظروفنا فلا داعي للجوء إلى هذه الرخصة.

رابعا: آراء العلماء في مدة المسح، وما يبطله، وأدلتهم: والحديث الثاني عشر يحدد مدة المسح على الخفين، وفيه "جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم".

وهذا التوقيت مذهب الشافعية والحنفية والحنابلة، وجمهور العلماء عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

ويبدأ اليوم والليلة للمقيم والثلاثة أيام للمسافر من حين يحدث بعد لبس الخفين عند الشافعية وأبي حنيفة وجمهور العلماء وهو أصح الروايتين عن أحمد. وقال الأوزاعي وأبو ثور: من حين يمسح بعد الحدث، وأكثر ما يمكن للمقيم أن يصلي بالمسح من فرائض الوقت سبع صلوات إذا جمع الصلاتين في المطر، فإن لم يجمع فست صلوات، وصورته أن يحدث في نصف اليوم الأول، بعد قليل من أول وقت الظهر، فيمسح ويصلي، ثم في أول وقت ظهر اليوم الثاني يصلي الظهر والعصر جمع تقديم، ومثل ذلك يفعل المسافر في اليوم الرابع فيصلي سبع عشرة، وإن لم يجمع فست عشرة هذا مذهب الشافعية، وحكى ابن المنذر عن الشافعي وأبي ثور وإسحاق وسليمان بن داود أنه لا يصلي بالمسح إلا خمس صلوات إن كان مقيما، وخمس عشرة إن كان مسافرا. قال النووي: وهذا مذهب باطل، إذ الأحاديث الصحيحة في التوقيت بالزمان، لا بالصلوات. اهـ.

ويصلي في مدة المسح ما شاء من الصلوات قضاء ونذرا وتطوعا بلا خلاف.

وقالت طائفة: لا توقيت، ويمسح ما شاء، ما لم ينزع خفيه أو يجنب، حكي هذا عن الشعبي وربيعة والليث ومذهب الشافعي القديم وأكثر أصحاب مالك وهو المشهور عن مالك، وفي رواية عنه أنه مؤقت كالجمهور، وفي رواية أخرى أنه مؤقت للحاضر دون المسافر، وعن سعيد بن جبير: يمسح من غدوه إلى الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>