للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - وجاء الإمام الشافعي محمَّد (١) بن إدريس المتوفى سنة ٢٠٤ هـ -رحمه الله- فكتب (رسالته) (٢) المشهورة التي ذكر فيها نبذة عن هذا الفن. وفي كلام الحازمي (٣) المتقدم ما يدل على أن الشافعي أفرد الناسخ والمنسوخ بالتأليف ولكنه عاد معقبًا بقوله: "وذكر الشافعي في كتابه (الرسالة) من هذا الفن أحاديث ولم يستنزف معينه فيها إذ لم يصنع (الرسالة) لهذا الفن وحده، غير أنه أشار إلى قطعة صالحة توجد في غضون الأبواب من كتبه، ولو كانت موجودة لأغنت الباحث عن الطلب، والطالب عن تجشم الكلف".

ثم ساق ما يدل على أن الشافعي كانت له في هذا الفن اليد الطولى والسابقة الأولى بما رواه بسنده إلى الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- في قوله لمحمد بن مسلم بن وارة (٤)، أحد أئمة الحديث وحفاظه المتوفى سنة ٢٦٥ هـ، حينما قدم من رحلته من مصر إلى العراق قابله أحمد وقال له: هل كتبت كتب الشافعي؟ قال: لا فقال له أحمد: فرطت ما علمنا المجمل من المفسر ولا ناسخ حديث رسول الله من منسوخه حتى جالسنا الشافعي رحمه الله (٥). وهكذا أثنى العلماء على الإِمام الشافعي بمعرفة هذا الفن وتقدمه في توضيحه وإظهاره (٦).


= ١٠٧، وتاريخ أصبهان لأبي نعيم ٢/ ٣١٢، والحلية له ٣/ ٣٦٣، والمحدث الفاصل ص ٣٧٤، وكتاب الأموال لأبي عبيد ص ٥٧٨، والسنة ومكانتها للسباعي ص ١٠٤ - ١٠٥، ٢١١، ومقدمة مسند عمر بن عبد العزيز ص ١٩ - ٢٠، وبحوث في تاريخ السنة المشرّفة للدكتور أكرم ضياء العمري ص ٢٧ فقد ذكروا جميعًا تدوينه للسنة، ولم يعرف له تدوين كتاب خاص في ناسخ الحديث ومنسوخه، والمصنف قد تبع الحازمي فذكر أن الزهريّ ألف فيه. انظر ص ١٨٠.
(١) الشافعي -رحمه الله- غني عن التعريف، وقد أفرد بكتب مستقلة في ترجمته، منها: آداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم مجلد، ومنها مناقب الشافعي للبيهقي مجلّدان، ومنها مناقب الشافعي للرازي، ومناقب الشافعي للحافظ ابن حجر، وكلها مطبوعة، وله ترجمة واسعة في طقات الشافعية لابن السبكي المجلد الأول، وكتب عنه من المعاصرين الأستاذ محمَّد أبو زهرة.
(٢) أول كتاب ألف في علم أصول الفقه للإِمام الشافعي وطبع مع كتاب الأم للشافعي عدة مرات وأحسن طبعاته النسخة التي حققها ونشرها الأستاذ أحمد محمَّد شاكر.
وانظر: مقدمة الرسالة، فقد أبان الشافعي عن سبب تأليفها.
(٣) انظر: الاعتبار ص ٥.
(٤) له ترجمة في: سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٨ - ٣٢، والعبر ٢/ ٢٦ والجرح والتعديل ٨/ ٧٩ - ٨٠، والمنتظم ٥/ ٥٥، وتهذيب الكمال ص ١٢٧٠ - ١٢٧١، وتذكرة الحفاظ ٢/ ٥٧٥، والوافي ٥/ ٢٧، وطبقات الحفاظ ص ٢٥٧، وشذرات الذهب ٢/ ١٦٠، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص ٢٥٩، وتاريخ بغداد ٣/ ٢٥٦ - ٢٦٠، وطقات الحنابلة ١/ ٣٢٤.
(٥) انظر: الاعتبار ص ٥.
(٦) انظر: مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث ص ٢٧٨ مع التقييد والإيضاح للعراقي.

<<  <   >  >>