للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السابع: مذهبه النحوي]

من خلال دراستي لآراء الإمام الحَوفي النحوية وجدته حر التفكير، وحر الاختيار، يأخذ من المذهب، ولا يلتزم به، ويقول برأيه دون تعصب، فقد كان يأخذ من مذهب البصريين كثيرا، ولكنه لم يكن متعصبا، ويأخذ من مذهب الكوفيين أحيانا، ولم يتبعهم، ولم يسر في ركابهم، وهذه في الحقيقة سمات المذهب البغدادي (١)، أي أن مذهب شيخنا الإمام الحَوفي، بغدادي بمفهوم عام، وإن كان ميله مع البصريين.

ومن الأمثلة التي تدل على أنه أيد البصريين كثيرا، ورد على الكوفيين، قوله عند تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا}:" {ذَلِكَ} رفع بالابتداء, {مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} الخبر متعلق بمعنى الاستقرار, و {ذَلِكَ} إشارة إلى ما تقدم مما أخبر به , {عَلَيْنَا} متعلق بـ {فَضْلِ اللَّهِ} , {وَعَلَى النَّاسِ} , {النَّاسِ} عطف على النون والألف بإعادة الخافض, لأن المضمر لا يعطف عليه إلا بإعادة العامل (وهذا على مذهب سيبويه والجمهور وأمَّا الكوفيون فاحتجوا بجواز العطف على الضمير المجرور دون إعادة العامل لوروده في القرآن ومنه قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَسَاءَلُونَ به وَالْأَرْحَامِ} (٢) بالخفض، وهي قراءة أحد القراء السبعة، وهو حمزة الزَّيَّات".


(١) ينظر الطنطاوي، محمد الطنطاوي، نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة، ت: أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل، ط ١، (مكتبة إحياء التراث الإسلامي، ٢٠٠٥ م-١٤٢٦ هـ)، ص ١٥٣.
(٢) ينظر قسم التحقيق، ص ٢٠٠. سورة النساء، الآية: ١.

<<  <   >  >>