للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثامن: أخلاقه، ومكانته العلمية، وأقوال العلماء فيه.]

أخلاقه: قبل أن يقرأ أي إنسان عن أخلاق هذا العالم الجليل، أو يسمع الثناء عليه يجب أن يفكر في حال عالم معتز بعلمه، لا يتكفف أبواب الحكام، وهذا الموقف وحده كاف للشهادة بأن الرجل ملتزم بدينه، ومبادئه، لم يغيرها ولم تستهوه الأهواء والبدع في عصره, وقد وصفه المترجمون أنه أوحد زمانه، أو النحوي الأوحد، ثم إننا نجد بعد ذلك من خلال مؤلفه الذي بين أيدينا أنه يلتزم حسن الأدب مع العلماء الكبار، وتظهر أخلاقه العالية حينما يتكلم عنهم. قال الإندونيسي: إلا أنه في بعض الأحيان تأخذه العصبية المذهبية (١) فيهاجم الحنفية ويصفهم بأهل الرأي، وهذا في رأيي لا يؤثر كثيرا على شخصيته لأن هذا من طبائع البشر.

مكانته العلمية: وصل إلى رتبة الإمامة في النحو، وتصدر لتدريس العربية وأصبح أهل مصر يأخذون عنه في اللغة العربية، والتفسير، حتى صارت مؤلفاته الشغل الشاغل للعلماء في عصره.

وقال صاحب إنباه الرواة (٢): تصدر لإفادة هذا الشأن-أي النحو-وصنف في النحو مصنفاً كبيراً عني به النحويون، استوفى فيه العلل، والأصول، وصنف فيه، مصنفات رأيت المصريين يشتغلون بها، وصنف تصنيفا كبيرا في إعراب القرآن، أبدع فيه، يتنافس العلماء هناك في تحصيله، وسمعت أن أحد المشتهرين بهذا النوع، ابتاع منه نسخة بمصر، في عشر مجلدات، وأحضرها إلى مدينته بالشام، وهو غير عالم بقدرها، ولا عارف بمصنفها، ولما تنبه إلى جلالتها اشتد حفظه لها، وضَنَّه بها، وادخرها لولده.


(١) الأندونيسي، مرجع سابق، قسم الدراسة. وقد سبق تعليقي على وصفه للإمام الحوفي بالتعصب ص ٤٧.
(٢) القفطي, مرجع سابق، ٢/ ٢١٩.

<<  <   >  >>