للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليمن، فالألف فيه عوض من إحدى ياءي النَّسب، فتبقى الياء الأخرى مخففة، ولو شدَّدناها، كان جمعًا بين العوض والمعوَّض، وذلك ممتنع، ومن شدد قال: الألف في اليماني زائدة، وأصله اليمنيُّ، فتبقى الياء مشددة، وتكون الألف زائدة، كما زيدت النون في صنعاني ورقباني ونظائرهما.

والركنان اليمانيان هما: الركن الأسود، والركن اليماني، وإنما قيل لهما: اليمانيان؛ للتغليب، كما قيل في الأب والأم: الأبوان، وفي الشَّمس والقمر: القمران، وفي أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -: العُمران، وفي الماء والتمر: الأسودان، والله أعلم.

[واعلم أن للبيت أربعة أركان: الرّكن الأسود، والرُّكن اليمانيُّ] (١)، ويقال لهما: اليمانيان، كما في هذا الحديث. وأمَّا الركنان الآخران، فيقال لهما: الشَّاميان، ويقال لهما: الغربيَّان؛ فالركن الأسود يُستلم ويقتل؛ لكونه مخصوصا بفضيلتي: الحجر الأسود، وبنائه على قواعد إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، والركن اليماني يُستلم ولا يقبَّل؛ لاختصاصه بفضيلة بنائه على قواعد إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - فقط.

وأما الركنان الآخران، فليس فيهما شيء من هاتين الفضيلتين، فلا يقبَّلان، ولا يُستلمان، وأجمعت الأمة على استحباب استلام الرُّكنين اليمانيين.

ونقل القاضي أبو الطَّيب إجماع أئمة الأمصار والفقهاء على أن الشاميينِ لا يُستلمان، ونقل غيره ذلك عن جمهور العلماء. قال: واستحبه بعض السلف، ومن كان يقول باستلامهما: الحسن والحسين ابنا عليٍّ -رضي الله عنهم-، وابن الزبير، وأبو الشعثاء جابر بن زيدٍ -رضي الله عنهم-.

قال القاضي أبو الطيب: كان فيه خلاف لبعض السَّلف من الصحابة والتَّابعين، وانقرض الخلاف، ثمَّ أجمعوا على عدم استلامهما، والله أعلم.

وليس في هذا الحديث دليل على نفي استلامهما، ولا إثباته، وإنما ثبت نفيه باستقرار الإجماع عليه، قال أصحاب الشَّافعي: لو عجز عن استلام اليماني،


(١) ما بين معكوفين ساقط من "ح ٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>