للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الحج في أشهر الحج قبل الحج، ثمَّ الحجّ من عامه، وهو المراد بقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦]، قال ابن عبد البر: لا خلاف في ذلك بين العلماء (١).

وقال ابن الزُّبير، وعلقمة، وإبراهيم، وسعيد بن جبير: معنى التَّمتُّع في الآية: المحصَر يفوته الحجُّ، فيتحلل بعمل عمرة، ثمَّ يحج في العام المقبل، فيكون متمتِّعًا بما بينهما في العامين، وقد نُقل عن ابن عمر وعثمان النَّهيُ عن ذلك، وهو نهي أولوية، لا نهي تحريم وكراهة؛ للتَّرغيب في الإفراد؛ فإنَّه أفضل؛ لكونه أكثر عملًا، ولا يجبر بدم ولا غيره.

وقد انعقد الإجماع بعد ذلك على جواز الإفراد والتَّمتع والقِران من غير كراهةٍ. واختلف العلماء من الأفضل في الثلاثة.

وقوله: "فَأمَرَنيِ بِهَا" يدل على جوازها من غير كراهةٍ.

وقوله: "وَكانَ ناسٌ كَرِهُوهَا"، الكراهة منقولة عن عمر وعثمان - رضي الله عنهما -، وقد قام عمر بذلك فقال: إن الله تعالى يحلُّ لرسوله ما شاء بما شاء، وإنَّ القرآن قد نزل منازله، فأتموا الحج والعمرة كما أمركم الله، وأبقوا نكاح هذه النساء، فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة (٢).

قال المازريّ: وقد اختُلف في المتعة الَّتي نهى عنها عمر في الحج: فقيل: هي فسخ الحج إلى العمرة، وقيل: هي العمرة في أشهر الحجّ، ثمَّ الحجُّ من عامه (٣).

وعلى هذا، إنما نهى عنها ترغيبًا في الإفراد -الَّذي هو أفضل- لا أنه يعتقد بطلانها أو تحريمها.


(١) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٩٣).
(٢) رواه مسلم (١٢١٧)، كتاب: الحج، باب: في المتعة بالحج والعمرة، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
(٣) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٨/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>