للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الماوردي في "الحاوي": أنه إذا استلم الحجر، استحب أن يأتي الملتزم؛ وهو ما بين الركن وباب الكعبة، ويدعو فيه، ويدخل الحِجْر، ويدعو تحت الميزاب (١).

وذكر محمد بن جرير الطبري: أنه يطوف، ثم يصلي ركعتيه، ثم يأتي الملتزم، ثم يعود إلى الحجر الأسود، فيستلمه، ثم يخرج إلى الصفا للسعي.

وذكر الغزالي - رحمه الله -: أنه يأتي الملتزم إذا فرغ من الطواف، قبل ركعتيه، ثم يصليهما.

وليس في حديث الكتاب ولا في حديث "صحيح مسلم" الذي ذكرناه شيء مما ذكر هؤلاء، سوى استلام الركن بعد ركعتي الطواف، فالأولى اتباعه، وترك ما عداه، إلا أن يرد شيء مما ذكروه في سنة فيتَّبع، والله أعلم.

والبداءة بالصفا في السعي واجب في المرة الأولى من السبع، وبالمروة في المرة الثانية منه، وبختم السبع بالمروة، وهذا ثابت في الأحاديث الصحيحة: أنه - صلى الله عليه وسلم - بدأ بالصفا، وختم بالمروة، وهو الصحيح من مذاهب جماهير العلماء والشافعية وغيرهم، وعليه عمل الناس في الأزمنة المتقدمة والمتأخرة.

وقال ثلاثة من الشافعية: إنه يحسب الذهاب من الصفا إلى المروة والعود منها إليه مرة واحدة، وهو أبو عبد الرحمن ابن بنت الشافعي، وأبو حفص بن الوكيل، وأبو بكر الصيرفي، قال شيخنا أبو زكريا النووي -رحمه الله تعالى-: وهذا قول فاسد، لا اعتداد به، ولا نظر إليه؛ إنما ذكرته للتنبيه على ضعفه؛ لئلا يغتر به من وقف عليه، والله أعلم (٢).

وقد سُمي -في حديث الكتاب، وفي غيره من الأحاديث- السعيُ طوافًا، وهو جائز بلا كراهة، والله أعلم.

وقولُه: "ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّه وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ


(١) انظر: "الحاوي" للماوردي (٤/ ١٥٤).
(٢) انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (٢/ ٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>