للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهرة في الدلالة لمذهب الشافعي - رحمه الله - ومتابعيه، والرد على أهل المذهبين الآخرين، ويكون حديث أبي قتادة هذا محمولًا على عدم قصدهم باصطياده، وحديث الصعب على قصدهم به، والآية الكريمة محمولة على تحريم الاصطياد عليه، وعلى أكل لحم ما صيد له؛ للأحاديث المبينة للمراد منها، ولا يحرم لحم ما صيد لأحد إلا بشرط كون كل واحد من الصائد والمصيد له محرمًا، فبيِّن في حديث الصعب الشرط الذي يحرم به، والله أعلم.

ومنها: تبسُّط الإنسان في صاحبه بطلب ما يؤكل، وأكله.

ومنها: تطييب قلوب الأتباع بأكل ما شكُّوا في أكله، أو كان عندهم وقْفة فيه، إذا كان عندهم علم من جوازه وحله، وموافقتهم في الأكل.

وقد تقدم مثل هذا في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو استقبلتُ من أمري ما استَدْبَرتُ لما سقتُ الهديَ" إشارة إلى موافقتهم في الحلق، وتطييب قلوبهم.

* * *

[الحديث الثاني]

عَنِ الصَّعْبِ بنِ جَثَّامَةَ اللَّيثيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّهُ أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهُوَ بالأَبْوَاءِ، أو بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَىَ ما فِي وَجْهِهِ، قَالَ: "إِنَّنا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلَّا أَنَّا حُرُمٌ" (١).

وفي لفظ لمسلم: رِجْلَ حِمَارٍ، وفي لفظ: شِقَّ حمار، وفي لفظ: عَجُزَ حمار (٢).

وجه هذا الحديث أنه ظنَّ أنه صِيدَ لأجله، والمُحرِمُ لا يأكل ما صيد لأجله.

أما الصَّعْب؛ فهو -بفتح الصاد وسكون العين المهملتين، وبالباء


(١) رواه البخاري (١٧٢٩)، كتاب: الإحصار وجزاء الصيد، باب: إذا أهدى للمحرم حمارًا وحشيًّا حيًّا، لم يقبل، ومسلم (١١٩٣)، كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم.
(٢) رواه مسلم (١١٩٤)، كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم، لكن عن ابن عباس: أن الصعب بن جثامة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل حمار، وفي رواية: عجز حمار.

<<  <  ج: ص:  >  >>