للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب: فمقتضاه تحريم بيعه، والعموم في كل كلب، سواء المعلَّم وغيره، وسواء ما يجوز اقتناؤه وغيره، وهو صريح في أنه لا يحل ثمنه، ويلزم من ذلك أنه لا قيمة على متلفه، وقد ورد في بعض الأحاديث النهي عن ثمن الكلب: "إلَّا كَلْبَ صيدٍ" (١)، وفي رواية: "إلا كَلْبًا ضاريًا" (٢)، وأن عثمان - رضي الله عنه -: غرم إنسانًا ثمن كلب قتله عشرين بعيرًا (٣)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: أن التغريم فيما أتلفه، وكلها ضعيفة باتفاق أئمة الحديث، والعلَّة في منع ثمنه عند الشافعي نجاسته مطلقًا، وهي قائمة في المعلَّم وغيره، ومن يرى طهارته اختلف قوله في المعلَّم منه، وعلة المنع غير عامَّة عنده.

وأمَّا نهيُهُ - صلى الله عليه وسلم - مَهرِ البَغِيِّ: فهو ما تعاطاه على الزنا، وسُمِّي مهرًا على سبيل المجاز، إما مجاز التشبيه صورة، وإما المجاز اللغوي إن كان وضعه فيها ذلك، وإلا كان للتشبيه إن لم يكن في الموضع ما يقابل به النكاح، والإجماع قائم في تحريم ذلك؛ لما فيه من مقابلة الزنا بالعوض.

وأَمَّا "حُلْوَانُ الكاهِنِ"؛ فهو ما يُعطاه على كهانته، وهو حرام؛ لما فيه من أخذ العوض على أمرٍ باطلٍ، وفي معنى ذلك ما يمنع منه الشرع من الرجم بالغيب.

والحلوان: مصدر حلوته حُلْوانًا: إذا أعطيتُه، قال الهروي وغيره: أصله من الحلاوة، شبه بالشيء الحلو؛ من حيث إنه يأخذه سهلًا بلا كلفة، ولا في مقابلة مشقة، يقال: حلوته: إذا أطعمته؛ كما يقال: عسلته: إذا أطعمته العسل، قال أبو عبيد: ويطلق الحلوان -أيضًا- على غير هذا، وهو أن يأخذ الرجل مهر ابنته


(١) رواه مسلم (١٥٧٤)، كتاب: المساقاة، باب: الأمر بقتل الكلاب، عن ابن عمر - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (٥١٦٤)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: من اقتنى كلبًا ليس بكلب صيد أو ماشية، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(٣) رواه الإمام الشافعي في "الأم" (٣/ ١٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>