للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهي عن هؤلاء كلهم، وعلى النهي عن تصديقهم والرجوع إلى قولهم، ومنهم من كان يدعو الطبيب: كاهنًا، وربما سموه: عرَّافًا، فهذا غير داخل بالنهي، هذا آخر كلام الخطابي -رحمه الله تعالى- (١).

قلت: وكما أن الطب والطبيب لا يسمى كهانة ولا عرافًا، ولا يدخل في النهي، فكذلك أولياء الله تعالى الذين جَعل لهم نورًا وفراسة بطريق شرعية ظاهرة وباطنة، يخبرون بها أهلها غير مريدين بها الشهرة والكثرة والظهور والرفعة، قاصدين التحدث بنعم الله تعالى، أو حجة أو حاجة شرعية، لا يسمى هذا كهانة، ولا يسمى صاحبه عرَّافًا، ولا يدخل في النهي.

وليحذر كل الحذر من إلباس الكاهن والعراف بالولي، والشيطان بالملَك، والصادق بالكاذب، ويعرف صاحب الحق من الباطل في ذلك بقرائن متابعة الكتاب والسنة في ظاهره وباطنه، وظهور محبته على قلوب خلق الله تعالى من أهل العلم والمعرفة، دون أهل الضلالة والفسق والحسدة، ومن استبرأ لدينه وعرضه في جميع ما ذكرنا، عرف ذلك، والله يعلم المفسد من المصلح، والمحق من المبطل، والموضح من الملبس، وهو سبحانه أعلم بكل شيء، ولا يعلم الغيب أحد إلا الله، ومن علمه من خلقه، فبإعلام الله -سبحانه وتعالى-.

قال الإمام أبو الحسن الماوردي من الشافعية، في كتابه "الأحكام السلطانية" (٢): ويمنع المحتسبُ مَنْ يكسب بالكهانة واللهو، ويؤدِّب عليه الآخذ والمعطي، والله أعلم.


(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٥/ ٣٧٠ - ٣٧١).
قلت: وهذه النقول التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - هي بسياقها في "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٢٣٢)، وكأني بالمؤلف -رحمه الله- يختصر عناء الرجوع إلى "معالم السنن"، و "غريب أبي عبيد" وغيرهما من الكتب التي يذكرها، فيسردها سردًا من كتب شيخه النووي -رحمه الله-، وغيره.
(٢) انظر: "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص: ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>