للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي عياض عن مالك، وكثير من أصحابه، والشافعي] (١)، والثوري، وأبي حنيفة وأصحابه، والليث بن سعد، قال: وروي نحوه عن علي، وابن عمر، وأبي موسى، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، قال: وأجاز أبو حنيفة، وأصحابه، والليث، وغيرهم بيع الزيت النجس إذا بينه.

وقال عبد الملك، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن صالح: لا يجوز الانتفاع بشيء من ذلك كله في شيء من الأشياء، وقد استدل بهذا الحديث في قوله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن طلاء السفن ودهن الجلود والاستصباح بها: "لا، هو حرام" على منع ذلك كله، وقد بينا أن الضمير في "هو" عائد على البيع، لا على الانتفاع، والله أعلم.

ومنها: جواز الدعاء على من فعل المحرم أو استباحه، أو تحيل على فعله؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - دعا على اليهود بالمقاتلة، لمَّا حُرمت عليهم الشحوم، فجمَلوها فباعوها فأكلوا ثمنها، وليس من تحيل على الخلاص من [المحرم] والخروج منه داخلًا في جواز الدعاء عليه وذمِّه؛ حيث تحيل على الخلاص منه، وقد ثبتَتْ الحِيلُ وفِعْلها في الكتاب العزيز والسنَّة النبوية -على قائلها أفضل الصلاة والتسليم-، ومنها: أمر أيوب - صلى الله عليه وسلم - بالضرب بشمراخ النخل -وهو الضغث- لما حلف على الضرب مئة سوط، وأقر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنها: الأمر بوضع اليد على الأنف عند الخروج من الصلاة بالحدث الخارج من المصلي إيهامًا للرعاف والخلوص من الخجل بخروج الحدث الخارج من المصلي، بل من فعل ذلك وأشباهه يدعى له؛ حيث وفق للوقوف عند رخص الشرع.

وقد فعل العلماء ذلك، وقالوا به، ومدحوا فاعله؛ بخلاف المحرم والحيلة عليه؛ فإن ذلك حرام إجماعًا، فإن الوسيلة إلى المحرم محرم.

وقد ذكر العلماء بابًا آخر من هذا، وهو إذا تعارض مفسدتان في الشرع، ولم يمكن دفعهما، روعي أخفهما.


(١) ما بينهما ساقط من "ح ٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>