للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث العاشر]

عَنْ جَابر بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَضَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -[بالعُمرَى] لِمَن وُهِبَتْ له (١)، وفي لفظ: "مَن أُعْمِرَ عُمرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ، فَإِنَّها لِلَّذِي أُعْطِيهَا، لَا تَرْجِعُ إلَى الَّذِي أَعطَاهَا؛ لأنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيِه المَوَارِيثُ" (٢).

وَقَالَ جَابِرٌ: إنَّما العُمرَى الَّتي أَجَازَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - أَن يَقُولَ: هِيَ لَكَ وَلِعَقِبكَ، فَأَمَّا إذا قَالَ: هِيَ لَكَ مَا عِشتَ، فَإِنَّها تَرْجعُ إلَى صاحِبِهَا" (٣). وفي لفظِ: "أَمْسِكُوا عَلَيكُمْ أَموَالَكُمْ، وَلَا تُفسِدُوهَا؛ فَإنَّهُ مَن أَعْمَرَ عُمْرَى، فَهِيَ لِلَّذِي أُعمِرَهَا حَيًّا ومَيِّتًا، وَلِعَقِبِه" (٤).

أما العمرى: فهي مأخوذة من العمر، كالرُّقبى من المراقبة، كأنَّ كلَّ واحد منهما يراقب عمر صاحبه بموته، وفي العمر ثلاث لغات: ضم العين والميم، وضمها وإسكان الميم، وفتحُها وإسكان الميم.

ومعنى العمرى: تمليكُ المنافع وإباحتها مدة العمر، لقوله: جعلت لك هذه الدار عمرك، أو حياتك، أو ما عشت، أو حييت، أو بقيت، أو أعمرتكها، أو ما يفيد هذا المعنى (٥).

وقولُه: "وَلِعَقِبِكَ فالعَقِبُ: أولاد الإنسان ما تناسلوا، وهو بفتح العين وكسر القاف وإسكانها.

وقولُه: "لأنَّه أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيه المَوَارِيثُ"؛ يريد أنها التي شرط فيها له ولعقبه.

ولفظ الحديث يدل على التقييد بذلك، قال بعضهم: ويحتمل أن يكون


(١) رواه البُخاريّ (٢٤٨٢)، كتاب: الهبة وفضلها، باب: ما قيل في العمرى والرقبى، ومسلم (١٦٢٥)، كتاب: الهبات، باب: العمرى.
(٢) رواه مسلم (١٦٢٥)، (٣/ ١٢٤٥)، كتاب: الهبات، باب: العمرى.
(٣) رواه مسلم (١٦٢٥)، (٣/ ١٢٤٦)، كتاب: الهبات، باب: العمرى.
(٤) رواه مسلم (١٦٢٥)، (٣/ ١٢٤٦)، كتاب: الهبات، باب: العمرى.
(٥) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٨٧)، و"شرح مسلم" للنووي (١١/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>