للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحيوان، يقال: ضَلَّ البعير، والإنسان، وغيرهما من الحيوان، وهي الضوال، وأمَّا الأمتعة، فتسمى لقطة، ولا تسمى ضَالَّة، قاله الأزهري (١).

ولما كانت الإبل مستغنية عن الحافظ والمتعهد والنفقة عليها؛ بما رُكَّب في طبعها من الجلادة على العطش والحفاء، عبر عنهما بالحذاء والسقاء مجازان؛ كأنها استغنت بقوتها عن الماء والحذاء، فلا حاجة إلى التقاطها؛ لعدم الجور عليها.

وقوله: "وَسَأَلَهُ عَنِ الشَّاةِ، فَقَالَ: خُذهَا؛ فَإنَّما هِيَ لَكَ، أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ"؛ يريد: الشَّاةِ الضَّالة، ولمَّا كانت الشَّاةِ عاجزة عن القيام بنفسها بغير حافظ ومتعهد، وخيف عليها الضياع إن لم يلتقطها أحد، وفي ذلك إتلاف لماليتها على مالكها، أو التساوي بين السائل عنها، وبين غيره من النَّاس إذا وجدها، اقتضى الإذن في التقاطها بأخذها؛ لأنَّه لا بد منه، إما لهذا الوجه، أو لغيره ممَّا ذكر، والله أعلم.

وفي الحديث أحكام:

منها: جوازُ أخذِ اللقطة، وهل هو مستحبٌّ أو واجب؟ فيه خلاف وتفصيل.

ومنها: وجوب التعريف سنة، وظاهر الحديث: أنه لا فرق بين القليل والكثير في وجوب التعريف وفي مدته، وقد اختلف أصحاب الشَّافعي فيه، والمختار عند الأكثرين منهم: أنه يكفي تعريف القليل زمنًا يُظن أن فاقده يعرض عنه غالبًا، وأن هذا حد القليل.

ومنها: إباحة استنفاقها بعد تملُّكها.

ومنها: أن الملتقط أولى بذلك من غيره.

ومنها: وجوب ردِّها إلى صاحبها بعينها، أو بما يقوم مقامه بعد تعريفها، وبعد استنفاقها أو تملُّكها إذا تحقق صدقه بطريقه، وقال الكرابيسي من الشَّافعية:


(١) انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: ٢٦٥)، و"تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>