للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جماعة من السلف قالوا: يجرى كما ورد من غير تأويل؛ حيث إنه أبلغ في الردع عن مخالفة السنة.

وقد استدلَّ بالحديث من رجَّح النكاحَ على التخلي لنوافل العبادات؛ حيث إن النفر الذين قالوا هذه الأقوال في الحديث من عدم التزوج، وأكل اللحم، والنوم على الفرش، وقصدوها، ورد ذلك عليهم - صلى الله عليه وسلم - وأكده بأن خلافه رغبة عن السنة، ويحتمل أن يكون من باب كراهة التنطع والغلو في الدين، ويختلف ذلك باختلاف المقاصد؛ فمن ترك اللحم لمقصود شرعي محمود، متورع عن أكله لشبهةٍ شرعية في عينه أو وصفه في ذلك الوقت؛ لاختلاط الحلال بالحرام، أو مقصود عادي صحيح؛ لخوف ضرر في بدن، أو زيادة مرض، لم يكن ذلك ممنوعًا، ومن تركه للغلو والتنطع والدخول في الرهبانية؛ لكونه من ذوات الأرواح في أصله، وغير ذلك، فهو ممنوع مخالف للشرع.

لكن ظاهر الحديث تقديم النكاح؛ كما يقوله أبو حنيفة ومن وافقه.

ولا شك أن الترجيح يتبع المصالح، ولم يستحضر أعدادها غالبًا، فالأولى اتباع اللفظ الوارد في الشيء.

ومنها: التنبيه على قاعدة عظيمة في باب التوحيد والتنزيه؛ وهي: أن الدوام وعدم الزوال ثابت لله، والتغيير وعدم الديمومة ثابت لما سواه.

فلما كان الأمر كذلك، أجرى - سبحانه وتعالى - الموجودات كلها على وصفها، وشرع الشرائع على ذلك رحمة بنا؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "لكنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأفْطِرُ، وأَتزوَّجُ النساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَن سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي"؛ تنبيهًا على ما ذكرنا، ولله أعلم.

ومنها: استحباب الخُطَب لأمور المسلمين الحادثة العامة النفع.

ومنها: استحباب الثناء على الله تعالى فيها.

ومنها: عدم تعيين من هو مقصود بالوعظ والتذكير والزجر؛ فإنه ينبغي أن يقول في ذلك: ما بال أقوام قالوا كذا، وفعلوا كذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>