للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاجرًا، وكان له ألف بعير، وثلاثة آلاف شاة، ومئة فرس ترعى بالنقيع، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحًا، وكان يدخر من ذلك قوت أهله سنته.

وقال صالح بن إبرهيمَ بنِ عبد الرحمن بن عوف: صالحنا امرأة عبدِ الرحمن بن عوف التي طلقها في مرضه، من ثلثِ الثمن بثلاثة وثمانين ألفًا. وروي عن غيره: أنها صولحت بذلك عن ربع الثمن من ميراثه، وروي عنه: أنه كان يدعو وهو يطوف بالبيت: يقول: اللهمَّ قِني شُحَّ نفسي (١). وروي عنه أنه أعتق في يوم واحد ثلاثين عبدًا.

ولما حضرته الوفاة، بكى بكاء شديدًا، فسئل عن بكائه، فقال: مات مُصعب بن عمير على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان خيرًا مني، ولم يَكُن له ما يكفن فيه، وإن حمزةَ بنَ عبد المطلب كان خيرًا مني، ولم نجد له كفنًا، وإني أخشى أن أكون ممن عُجِّلت له طيباتُه في حياته الدنيا (٢)، وأخشى أن أُحبس عن أصحابي بكثرة مالي، وتزوَّج نساء كثيرة، وكان له من البنين يومَ مات عشرةٌ سوى بنات كنَّ له، وهم: محمد، وإبراهيم، وحميد، وزيد، وأبو سلمة، ومصعب، وسهل، وعثمان، وعمرو، والمسور.

وروى عنه من الصحابة: ابنُ عمر، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأنس، وجبير بن مطعم، والمسور بن مخرمة، وعبد الله بن عامر بن ربيعة. ومن التابعين: بنوه: إبراهيم، وحميد، ومصعب، وغيرهم. ورُوي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسة وستون حديثًا، اتفق البخاري ومسلم على حديثين، وانفرد البخاري بخمسة، وروى له أصحاب السنن والمساند.

ومات بالمدينة، ودفن بالمدينة، وصلَّى عليه عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، أوصى عبدُ الرحمن بذلك، واختلف في تاريخ وفاته: فقال ابن حبان الحافظ: مات لست بقين من خلافة عثمان، وهو ابن خمس وسبعين سنة، وقال


(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٥/ ٢٩٤).
(٢) رواه البخاري (١٢١٥)، كتاب: الجائز، باب: الكفن عن جميع المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>