للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ المرأةُ كالرجُل في منع مسِّ القُبل والدبر باليمنى؛ لأن سببَ النهي إكرامُ اليمين، ويُستحبُّ ألا يستعين باليد اليمنى في شيء من أمور الاستنجاء إلَّا لعذر.

وإذا استنجى بماء، صبه باليمنى، ومسح باليسرى، وإذا كان بحجر، فإن كان في الدبر، مسحَ بيساره.

واعلم أنَّ في النهي عن الاستنجاء باليمين تنبيهًا على إكرامها وصيانتها عن الأقذار ونحوها، وكذا ما كان من باب التكريم [والتشريف] (١) يكون باليمين، وما كان من بابِ الامتهانِ وإزالةِ الأقذارِ والأوساخِ والبشاعةِ يكون باليسار.

وأمَّا النهْيُ عن التنفُس في الإناء، فمعناه: لا يتنفس فيه نفسِه، بل يتنفس خارجَه؛ فإنه سنةٌ ثابتةٌ، وأدبٌ شرعيٌّ في الشُّرب؛ لما يحصل بالتنفس في الإناء من نتنه، وغير ذلك من الحكم المتقدمة.

وقد روى التّرمذي من رواية أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن [النبي - صلى الله عليه وسلم -] (٢) نهى عن النفخ في الشَّراب، فقالَ رجلٌ: القذاةُ أراها (٣) في الإناء، فقالَ: "أَهْرِقْها"، قال: فإنِّي لا أَرْوَى من نَفَسٍ واحدٍ، قال: "فَأبِنِ القَدَحَ إِذًا عَنْ فِيكَ"، وقال: حديث حسن صحيح (٤).

وأمَّا ما ثبت في "الصحيحين" من رواية أنسٍ - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفسُ في الإناء (٥) ثلاثًا (٦)، فمعناه: خارجَ الإناء -والله أعلم-.

* * *


(١) ما بين معكوفين ليس في "ح".
(٢) ما بين معكوفين ليس في "ح".
(٣) في "ح": "يرها".
(٤) رواه الترمذي (١٨٨٧)، كتاب: الأشربة، باب: ما جاء في كراهة النفخ في الشراب، والإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٩٢٥)، والإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٣٢)، وابن حبان في "صحيحه" (٥٣٢٧)، والحاكم في "المستدرك" (٧٢٠٨).
(٥) في "ح": "الشراب".
(٦) رواه البخاري (٥٣٠٨)، كتاب: الأشربة، باب: الشرب بنفسين أو ثلاثة، ومسلم (٢٠٢٨)، كتاب: الأشربة، باب: كراهة التنفس في نَفْسِ الإناء، واستحباب التنفس ثلاثًا خارج الإناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>