للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نَظَرَ آنِفًا"؛ أي: قريبًا، وهو بمد الهمزة على المشهور، ويجوز قصرها، وقرئ بهما في السبع، وقد تركَ في هذه الرواية ذكرَ تغطية أسامة وزيد رؤوسهما وظهور أقدامهما، وهي زيادة مفيدة؛ لما فيها من الدلالة على صدق القيافة.

وكان يقال: من علوم العرب ثلاثة: السيافة والعيافة والقيافة.

فأما السيافة، فهي شَمُّ تراب الأرض؛ ليعلم بها الاستقامة على الطريق، أو الخروج منها.

قال المعري:

أَوْدَى فليتَ الحادثاتِ كفافِ .... مالُ المُسِيفِ وعَنْبرُ المُسْتَافِ (١)

المستفاف: هو القاص.

وأما العيافة: فهو زجر الطير، والتفاؤل بها، وما قارب ذلك.

وأما السانح والبارح: في الوحش.

وفي الحديث: "العافية والطِّيَرَةُ والطرقُ مِنَ الجِبْتِ".

وأما القيافة: فهي ما نحن فيه، وهو اعتبار الأشباه بإلحاق الأنساب.

وفي الحديث دليل على العمل بالقيافة.

يقول القائف بالشبه في إلحاق الولد باحد الرجلين، ولا يكون ذلك إلا فيما أشكل من واطئين محترمين؛ كالمشترى والبائع، يطأان الجارية المبيعة في طهر، قبل الاستبراء من الأول، فتأتي بولد لستة أشهر فصاعدًا من وطء الثاني، ولدون أربع سنين من وطء الأول، وأثبت العمل بها: الشافعي، وفقهاء الحجاز، وجماهير العلماء، ونفاه أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، وإسحق.

والمشهور عن مالك: إثباته في الإماء، ونفيه في الحرائر، وفي رواية عنه: إثباته فيهما.


= و"القاموس المحيط" للفيروز أبادي (ص: ٥١٨)، (مادة: سرر).
(١) انظر: "ديوانه" (ص: ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>