للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يشهُد أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأَنِّي رسولُ اللهِ" هو كالتفسير لقوله: "امرئٍ مسلمٍ".

واعلم أن الإسلام لا يصح إلا بالتلفظ بهما، مع اعتقاد صحتهما ومعناهما، ومن قام بذلك، كان مؤمنًا مسلمًا، فكل مؤمن مسلمٌ، وكل مسلمٍ مؤمنٌ، وإنما يختلفان باختلاف معناهما في لفظهما، وباختلاف تعلقهما.

فالإسلام في اللغة: الانقياد، وفي الشرع: انقيادٌ مخصوص على وجه مخصوص.

والإيمان: التصديقُ في وضعه. وفي الشرع: قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالجَنان، وعملٌ بالجوارح والأركان.

ومتعلق الإسلام والإيمان بالظاهر والباطن، لمن آمن بلسانه، وصدق بقلبه، فهو مؤمن مسلم، ومن صدق بقلبه ولم يؤمن بلسانه، فإن كان لعذر، نفعه ذلك في عدم الخلود في النَّار، ولهذا يقال يوم القيامة: "أَخْرِجُوا مَنْ في قَلْبهِ أَدْنى أَدْنى ذَرَّةٍ منْ إيمانٍ" على ما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

وإن أكره على ترك الإسلام بعد وجوده، مع اطمئنان قلبه به، لم يضره ذلك في الدُّنيا والآخرة. ومن صدق بلسانه، ولم يؤمن بقلبه، جرى عليه حكم الإسلام في الدنيا؛ من عصمة دمه وماله وحريمه، وكان في الآخرة في الدرك الأسفل من النار، كما أخبر الله -سبحانه وتعالى- عن المنافقين.

وجميع ما ذكرناه من ذلك في كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، شهدت به العقول، وبصرت به القلوب، والله أعلم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الثيبُ الزاني"؛ معناه: المحصَن إذا زنى، وهو من وطئ في نكاح صحيح، وهو حر بالغ عاقل.


(١) رواه البخاري (٢٢)، كتاب: الإيمان، باب: تفاضل أهل الإيمان في الأعمال، ومسلم (١٨٤)، كتاب: الإيمان، باب: إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>