للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقتل بتركها، في قصيدة له نظمها استخراجًا من هذا الحديث؛ من حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - حصر حل دم المرء المسلم في هذه الثلاثة؛ وهي زنا المحصن، وقتل النفس، والردة بلفظ النفي العام والاستثناء منه لهذه الثلاثة. ومن جمله القصيدة أبيات، وهي:

خسرَ الذي تركَ الصلاةَ وخابا ... وأَبى مَعادًا صالحا ومَآبا

إنْ كانَ يجحدُها فحسبُك أنه ... أَمْسى بِربِّكَ كافرًا مُرْتابا

أو كانَ يتركُها لنوعِ تكاسُلٍ ... غَشَى على وجهِ الصوابِ حِجابا

فالشافعي ومالكٌ رأيا له ... إنْ لم يتبْ حد الحسامِ عِقابا

وأبو حنيفةَ قالَ يترَكُ مرةً ... هَمَلًا ويُحْبَسُ مَرةً إيجابا

والظاهرُ المشهورُ من أقوالِه ... تعزيرُه زَجْرًا له وعَذابا

إلى أن قال:

والرأيُ عندي أَنْ يؤدبه ... الإمامُ بكلِّ تأديبٍ يراهُ صوابا

ويكفّ عنه القتل دونَ حياتِه ... حتى يلاقيَ في المآبِ حِسابا

فالأصلُ عصمتُه إلى أَنْ يمتطي ... أحدَ الثلاثِ إلى الهلاكِ رِكابا

الكفرُ أو قتلُ المكافئِ عامِدًا ... أو مُحْصَنْ طلبَ الزنا فأصابا

فأبو الحسن علي بن الفضل المقدسي في قصيدته هذه، قد اختار خلاف مذهب مالك في ترك قتله، وهو من المنسوبين إلى أتباع مالك (١).

واستشكل إمام الحرمين أبو المعالي الجويني قتله من مذهب الشافعي أيضًا.

وقوى بعض المتأخرين إزالةَ الإشكال في عدم قتله؛ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرت أن أقاتلَ الناسَ حَتَّى يَشْهدوا أَنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، ويُقيموا الصلاةَ، ويُؤْتوا الزكاةَ" (٢).


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٨٥ - ٨٦).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>