للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوجود عبد الله بن سهل يتشحط في دمه قتيلًا، والحكم بالقسامة بسببه.

ومنها: فضيلة السن عند التساوي في الفضائل. وله نظائر؛ تقدم بها في الإمامة، وفي ولاية النكاح ندبًا، وغير ذلك.

ومنها: البداءة في القسامة بيمين المدعي، وهو مذهب أهل الحجاز، ونقل عن أبي حنيفة خلافه. وهو مخالف لما اقتضاه الحديث.

وقدم المدعي هنا باليمين خلافًا لسائر الخصومات؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "البينةُ على المدعي واليمينُ على مَنْ أنكَر" (١)؛ لما انضاف إلى دعواه من شهادة اللوث مع عظم قدر الدماء. وكل واحد من هذين المعنيين جزء علة لا علة مستقلة.

ومنها: أن الأيمان في القسامة المستحقة خمسون يمينًا.

والحكمة في تعددها: أن تصديق المدعي على خلاف الظاهر بالعدد؛ ولتعظيم شأن الدم، فلو كانت الدعوى في غير محل اللوث، وتوجهت اليمين على المدعى عليه، فهل تجب خمسين يمينا؟

فيه قولان للشافعي -رحمه الله-.

ومنها: أن المدعي في محل القسامة، إذا نكل، غلظت اليمين بالتعداد على المدعى عليه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فتبرئكم يهودُ بخمسينَ يمينًا؟ ".

وفي هذه المسألة طريقان للشافعي:

أحدهما: إجراء قولين؛ لأن نكوله يبطل اللوث، وكأنه لا لوث.

والطريق الثاني، وهو الأصح: القطع بالتعدد؛ للحديث؛ فإنه جعل أيمان المدعى عليهم كأيمان المدعين.


(١) رواه الدارقطني في "سننه" (٤/ ١٥٧)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -. ورواه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٥٢)، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
وقد رواه البخاري (٤٢٧٧)، كتاب: التفسير، باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: ٧٧]، ومسلم (١٧١١)، كتاب: الأقضية، باب: اليمين على المدعى عليه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بلفظ: " ... ولكن اليمين على المدعى عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>