للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقدم الكلام على عبيد الله في الحديث قبله.

الظفير: فعيل بمعنى مفعول. والحكمة في بيعها وكونه بثمن حقير: تنفيرُها وكسرُ نفسها عن الفاحشة، والتنفير عن مثل فعلها بعدم مخالطتها، والله أعلم.

وقوله: "ولم تحصن"، ذكر الطحاوي: أن لفظة "ولم تحصن"، تفرد بها مالك، إشارة إلى تضعيفها، وأنكر ذلك الحفاظ عليه، وقالوا: بل روى هذه اللفظة: ابن عيينة، ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب، كما قال مالك: تحصل صحة هذه اللفظة، وليس في ثبوتها حكم مخالف؛ فإن الأمة تجلد على النصف من الحرة، سواء كانت الأمة محصنة بالتزويج، أم لا (١).

لكن فيه بيان من لم يحصن، وقول الله -عزَّ وجلَّ-: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥]، فيه بيان من أحصنت، فحصل من الآية الكريمة.

والحديث بيان أن الأمة المحصنة بالتزويج وغيرَ المحصنة تُجلد، وهو معنى ما ثبت في "صحيح مسلم": أن عليا - رضي الله عنه - خطب، فقال: يا أيها الناس! أقيموا على أرقائكم الحدَّ؛ من أحصنَ منهم ومن لم يحصن (٢).

فإن قيل: فما الحكمة في التقييد في قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ}، مع أن عليها نصف جلد الحرة، سواء كانت الأمة محصنة أم لا؟

فالجواب: أن الآية نبهت إلى أن الأمة المزوجة، لا يجب عليها إلا نصف جلد الحرة؛ لأنه الذي يتنصَّف، وأما الرجم فلا يتنصَّف، ولا هو مراد في الآية؛ لإجماعهم على عدم رجمها، وإن كانت متزوجة، وإنما الواجب نصفُ جلد الحرة؛ لهذا الحديث وغيره من الأحاديث المطلقة: "إذا زنت أمةُ أحدِكم فَلْيَجْلِدْها"، وهو يتناول المزوجة وغيرها.


= (١٧٠٣)، كتاب: الحدود، باب: رجم اليهود أهل الذمة في الزنا.
(١) انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٣/ ١٣٥)، و"التمهيد" لابن عبد البر (٩/ ٩٤)، وما بعدها، و"شرح مسلم" للنووي (١١/ ٢١٣)، و"فتح الباري" لابن حجر (١٢/ ١٦٢).
(٢) رواه مسلم (١٧٠٥)، كتاب: الحدود، باب: تأخير الحد على النفساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>