للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما أمر بقوله: إلَّا إله إلَّا الله"؛ لأنه تعاطى بحلفه صورة تعظيم الأصنام حتَّى حلف بها.

قال أصحاب الشَّافعيّ: إذا حلف باللات والعزى، أو غيرها من الأصنام، أو قال: إن فعلت كذا، فأنا يهودي أو نصراني، أو بريء من الإِسلام، أو بريء من النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو نحو ذلك، لم تنعقد يمينه، بل عليه أن يستغفر الله تعالى، ويقول: لا إله إلَّا الله، ولا كفارةَ عليه، سواءٌ فعله أم لا.

وبعدم الكفارة في ذلك قال الشَّافعيّ ومالك وجماهير العلماء، وقال أبو حنيفة: تجب الكفارة في كل ذلك، إلَّا في قوله: أنا مبتدع، أو بريء من النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو حلف باليهودية.

واحتج بأن الله -عَزَّ وَجَلَّ-أوجب على المظُاهِرِ الكفارةَ؛ لأنه منكَر من القول وزور، والحلفُ بهذه الأشياء منكَر وزور.

واحتج الشافعية والجمهور بقوله - صلى الله عليه وسلم - الحديث: "فليقلْ: لا إله إلَّا الله"، ولم يذكر كفارة، والأصلُ عدمُها حتَّى يثبت بها شرع.

وأما قياسه على الظاهِر، فهو منتقض بما استثناه من قوله: أنا مبتدع، أو أنا بريء من النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو حلف باليهودية، فإنَّه لم توجب فيها كفارة، والله أعلم.

النوع الثالث: ما يختلف فيه التحريم والكراهة، وهو ما عدا ذلك؛ مما لا يقتضي تعظيمه كفرًا، والله أعلم.

ومنها: المبالغة في الاحتياط في الكلام، بألَّا يحكي قول الغير الذي منع الشرع منه؛ لئلا يجري على اللسان ما صورته صورة الممنوع شرعًا، ومن هذا حكاية المذاهب الباطلة من غير ذكر الدليل على بطلانها، وتقبيح قولها واعتقادها، خصوصًا إذا هجرت ونسيت وماتت، فلا تحكى؛ فإنَّها تنبه أهل الباطل على مضاهاتهم لأهل الحق، وأن لهم صورة ومقابلة، فليتفطن لما نبهت عليه؛ فإنَّه جليل عزيز.

ومن عرف الأشياء وأضدادها، وما يترتب عليها من الفساد، ودخول الشبه

<<  <  ج: ص:  >  >>